بعد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلاّ واحد من المسلمين" (?).فهذا عليّ نفسه مصرّح بأن أبا بكر أفضل النّاس، وأفاد بعد ما ذكرنا تفضيل أبي بكر وحده على الكلّ، وفي بعض ترتيب الثّلاثة، ولما أجمعوا على تقديم عليّ بعدهم دلَّ على إنّه كان أفضل من بحضرته وكان منهم الزّبير وطلحة فثبت أنّه كان أفضل الخلق بعد الثلاثة.
هذا واعتقاد أهل السّنّة تزكية جميع الصّحابة والثناء عليهم، كما أثنى اللَّه سبحانه وتعالى عليهم إذ قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ً} (?)." (?).
فمنهج أهل الحق من المسلمين احترام الصحابة، وتوقيرهم، والترضي عنهم أجمعين، ونترك ما شجر بينهم، فهم خير البشر بعد النبيين.
لم يدخر الصحابة الكرام جهداً في تحمل أمانة الدين وتبليغه، فطوفوا المشارق والمغارب لنشره وتبليغه للناس، باذلين الغالي والنفيس في ذلك، ومن يقرأ التاريخ بإنصاف لا يملك إلا أن يقف لهم بكل احترام وتبجيل، ولا يتنكر لهم إلا جاحد أو حاقد.
ولهم الفضل بعد فضل الله ثم فضل رسوله - صلى الله عليه وسلم - في إخراجنا من براثن الشرك والوثنية وإدخالنا في هذا الدين العظيم.
ومثلما كان لهم الفضل في الفتوحات الاسلامية، كان لهم الفضل في حفظ السنة النبوية ونشرها بين الناس، ويمكن إيجاز دورهم الكبير في حمل السنة وتبليغها بما يلي:
1 - حفظ الروايات، وأعني به حفظ الصدر وحفظ الكتاب، إذ تميز كثير من الصحابة بحفظ أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدورهم، حتى تفرّغ لها بعضهم -كأصحاب الصفة- فكان جلّ حياته تتبع الروايات وحفظها، وكان من أحفظهم الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه -، أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:": " ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " (?).