العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النّظر في أحوالهم سوى الصّحابي الّذي رفعه إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل اللَّه لهم، وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن" (?).

والأخبار في هذا المعنى تتّسع، وكلها مطابقة لما ورد في نصّ القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصّحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل اللَّه تعالى لهم، المطّلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له.

المطلب الرابع: مراتب الصحابة، وعقيدة أهل السّنّة في تفضيل الصّحابة.

قد أجمع أهل السّنّة والجماعة على أنّ أفضل الصّحابة بعد النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على الإطلاق: أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما.

قال القرطبي:"ولم يختلف أحد في ذلك من أئمّة السّلف ولا الخلف، فقال: ولا مبالاة بأقوال أهل التّشيّع ولا أهل البدع، فإنهم بين مكفر تضرب رقبته، وبين مبتدع مفسق لا تقبل كلمته" (?).

وقال البيهقيّ:" روينا عن أبي ثور عن الشّافعيّ، قال: ما اختلف أحد من الصّحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصّحابة، وإنما اختلف من اختلف منهم في عليّ وعثمان" (?).

وقال العلّامة ابن الهمّام:" فضل الصّحابة الأربعة على حسب ترتيبهم في الخلافة، إذ حقيقة الفضل ما هو فضل عند اللَّه تعالى، وذلك لا يطلع عليه إلاّ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وقد ورد عنه ثناؤه عليهم كلهم، ولا يتحقّق إدراك حقيقة تفضيله عليه السّلام لبعضهم على بعض إن لم يكن سمعيّا يصل إلينا قطعيّا في دلالته إلا الشاهدين لذلك الزمان، لظهور قرائن الأحوال لهم، وقد ثبت ذلك لنا صريحاً ودلالة كما في صحيح البخاريّ من حديث عمرو بن العاص حين سأله عليه السّلام: من أحبّ النّاس إليك من الرّجال؟ فقال: "أبوها". يعني عائشة رضي اللَّه عنها- وتقديمه في الصّلاة على ما قدّمنا مع أن الاتّفاق على أن السّنّة أن يقدم على القوم أفضلهم علما، وقراءة، وخلقاً، وورعاً، فثبت أنّه كان أفضل الصّحابة، وصحّ من حديث ابن عمر في صحيح البخاريّ قال:"كنا في زمن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نفاضل بينهم" (?).وصحّ فيه من حديث محمّد بن الحنفيّة: قلت لأبي: "أيّ النّاس خير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015