وروى صاحب الأغاني: أن مصعبا بعد قتل المختار أخذ عمرة وابنة مرة امرأته الثانية وأمرهما بالبراءة من المختار أما بنت سمرة فبرئت منه وأبت ذلك عمرة فكتب به مصعب إلى أخيه عبد الله فكتب إليه إن أبت أن تبرأ منه فاقتلها فأبت فحفر لها حفيرة وأقيمت فيها فقتلت.
كان يحبها مولاها حبا شديدا وهي مشهورة بالجمال والفصاحة، وكان شديد الغيرة عليها وإنه خرج لغرض ومعه سنان وكان فارسا معروفا بالشجاعة وكان حسن الغناء، وكان يتركه كثيرا لمعرفته بغيرة سليمان ولكن زاره ضيوف في تلك الليلة فأكرمهم فقالوا: يا سنان لم تكرمنا ما لم تسمعنا الغناء وكان قد أخذت منه الخمرة فأنشد:
محبوبة سمعت صوتي فأرقها ... في آخر الليل لما بلها السحر
تثني على فخذها مثنى معصفرة ... والحي منها على لباتها حصر
لم يحجب الصوت أجراس ولا غلق ... فدمعها لطروق الصوت منحدر
في ليلة النصف ما يدري مضاجعها ... أوجهها عنده أبهى أم القمر
لو خليت لمشت نحوي على قدم ... يكاد من رقة للمشي ينفطر
فلما سمع سليمان الصوت خرج فزعا فجاء إلى عوان فرآها على صفة الأبيات وكانت يقظانة، فلما فطنت به قالت:
ألا رب صوت جاءني من مشوه ... قبيح المحيا واضع الأب والجد
قصير نجاد السيف جعد بنانه ... إلى أمة يدعى معا وإلى عبد
فسكن ما به وقال: قد راعك صوته. قالت: صادف مني يا أمير المؤمنين فحلف ليقتلنه، فأرسلت عبدا يحذره وقالت: إن لحقته فلك ديته وأنت حر فسبق رسول سليمان فجاءوا به فنظر إليه؟، ثم قال: وإنك لمجترئ فقال: أنا فارسك فاستبقني فقال: لا أقتلك ثم أمر به فخصي.
وبقيت عوان عند سليمان معززة مكرمة إلى أن مات عنها وآلت إلى خلفه.
كانت فصيحة اللسان ثبتة الجنان، لها علم بفنون الأدب ورواية في شعر العرب. لها شعر قلل وأغلبه رثاء في أخيها عبد الله بن سبيع حين قتل في يوم من أيام العرب منه قولها:
أبكى لعبد الله إذ ... حشت قبيل الصبح ناره
طيان طاوي الكشح لا ... يرخى لمظلمه إزاره
يعصى البخيل إذا أرا ... د المجد مخلوعاً عذاره
هي جارية أندلسية متأدبة متخرجة في فنون الغناء لها صوت حسن وصنعة جيدة بالأصوات، وكان أكثر