فأنت مبعوث إلى الأنام ... تبعث في الحل وفي الحرام
تبعث بالتوحيد والإسلام ... دين أبيك البر أبراهام
فالله أنهاك عن الأصنام ... أن لا تواليها مع الأقوام
ثم قالت: كل حي ميت، وكل جديد بال، وكل كبير يفنى، وأنا ميتة وذكري باق. وسلمت روحها.
وقيل: إن بعضهم رثاها بهذه الأبيات:
نبكي الفتاة البرة الأمينة ... ذات الجمال العفة الرزينة
زوجة عبد الله والقرينة ... أم نبي الله ذي السكينة
وصاحب المنبر بالمدينة ... صارت لدى حفرتها رهينة
لو فوديت لفوديت ثمينة ... وللمنايا شفرة متينة
لا (تبقى) ظعانا ولا ظعينة ... إلا أتت وقطعت وتينه
أما دللت أيها الحزينة ... عن الذي ذو العرش يعلي دينه
فكلنا والهة حزينة ... نبكيك للعطلة أو للزينة
كانت شاعرة من شاعرات العرب في الجاهلية اللاتي يشار لهن بالبنان، وكان شعرها قليلا إلا أنه ذو بلاغة عجيبة. وكان أبوها عتيبة قتله ذواب بن ربيعة الأسدي يوم خو من أيام العرب، ثم أسر ذواب وقتل فورا بعتيبة ولآمنة في أبيها مراث كثيرة لم يصل إلينا منها إلا قولها:
على مثل ابن مية فانعياه ... بشق نواعم البشر الجيوبا
وكان أبي عيتبة سمهريا ... فلا تلقاه يدخر النصيبا
ضروبا للكمي إذا اشمعلت ... عوان الحرب لا ورعا هيوبا
ولها يقول نابغة بني جعدة:
وشاركتم قريشا في تقاها ... وفي أنسابها شرك العنان
بما ولدت نساء بني هلال ... وما ولدت نساء بني أبان
وكانت آمنة هذه تحت أمية بن عبد شمس معاصرا لعبد المطلب بن هاشم جد النبي فولدت لأمية العاص وأبا العاص، وأبا العيص والعوص، وصفية، وتوبة، وأروى بني أمية وقد سموا بالأعياص وكانت دائما تفتخر بهم، فلما مات تزوجها بعده ابنه أبو عمرو، وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك يتزوج الرجل امرأة أبيه بعده فولدت له أبا معيط فكان بنو أمية من آمنة إخوة أبي معيط وعمومته.
وقيل: إن ابنها أبا العاص زوجها أخاه أبا عمرو، وكان هذا نكاحا تنكحه الجاهلية فأنزل الله تعالى تحريمه.
قال الله تعالى: (ولا تنكحوا ما نحك آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) (النساء: 22) فسمي نحاك المقت.
وكانت آمنة مسموعة الكلمة مطاعة عند قومها، وكانت موصوفة بالشجاعة والمنعة وطالما افتخرت على باقي العرب في عزها ورجالها.
كانت من أهل القرن الثالث للهجرة، وكانت من الزاهدات العابدات المنقطعات للتبتل، وكان أكثر زهاد زمانها يترددون عليها، ويتبركون بها، وكان بشير بن الحارث -رضي الله عنه- يزورها. ومرض بشير مرة فعادته