وعت لها القلوب وتفتحت إليه الآذان. وكان مقربة بين الأنصار محبوبة عند الجميع لتقواها وعفافها وصيانتها مع جمالها الفائق وقد هويها زفر بن الحارث الكلابي وتعلق بها وهي لم تلتفت إليه وقد قال فيها شعرا أوله:
قفي قبل التفرق يا ضباعا ... فلا يك موقف منك الوداعا
وهي طويلة لم نعثر على باقيها، وتوفيت بين أهلها الأنصار، وهي في عز وإقبال.
ابن عبد المطلب بن هاشم القرشية ابنة عم النبي صلى الله وسلم. كانت زوجة المقداد بن عمرو الكندي فولدت له عبد الله وكريمة قتل يوم الجمل مع عائشة.
روى عن ضباعة بن عباس وجابر وأنس وعائشة وعروة والأعرج وقيل: إن ضباعة بنت الزبير أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج أفأشترط؟ قال: (نعم) . قالت: كيف أقول؟ قال: (قولي لبيك اللهم لبيك لبيك محلي من الأرضي حيث تحسبني) ففعلت كما أمرها وحدثت بهذا الحديث وخلافه. وروى عنها جملة من التابعين أيضا.
كانت أسلمت بمكة وقد نصرت النبي صلى الله عليه وسلم في جملة مواطن بلسانها وفعلها، وقد أبلت بلاء حسنا أمامه، فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم على بني عامر - وهم بعكاظ - ودعاهم إلى نصرته ومنعه فأجابوه فبينما هم كذلك إذ جاء ثجرة بن فراس القشيري فغمز (شاكلة) ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمصت به فألقته وعندهم يومئذ ضباعة بنت قرظ، كانت ممن أسلمن بمكة جاءت زائرة إلى بني عمها فقالت: يا آل عامر، ولا عامر لي أيصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ولا يمنعه أحد منكم؟ فقام ثلاثة من بني عمها إلى ثجرة، فأخذ كل رجل منهم رجلا فجلد به الأرض ثم جلس على صدره، ثم علوا وجهه لطما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله بارك هؤلاء) فأسلموا وقتلوا شهداء. ولها نصرات كثيرة مثل هذه - رحمها الله تعالى.
هي الخوندة الكبرى زوجة الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأم ابنه الأمير (أنوك) كانت من جملة إمائه فأعتقها وتزوجها. ويقال: إنها أخت الأمير (آقبغا) عبد الواحد، وكانت بديعة الحسن رأت من السعادة ما لم يره غيرها من نساء ملوك الترك بمصر ولم يدم السلطان على محبة امرأة سواها سوى طولباي الناصرية، وحج بها القاضي كريم الدين الكبير واحتفل بأمرها وحمل لها البقول في محائر طين على ظهور الجمال وأخذ لها الأبقار الحالبة فسارت معها طول الطريق لأجل اللبن الطري وعمل الجبن.
وكان يلقى لها الجبن في الغداء والعشاء وإذا كان البقل والجبن بهذه المثابة وهما أحسن ما يؤكل فما عساه يكون بعد ذلك. وكان القاضي وأمير المجلس وعدة من الأمراء يمشون رجالا بين يدي محفتها ويقبلون الأرض لها، ثم حج بها الأمير (بشتاك) سنة 739 هجري.
واستمرت عظمتها بعد موت السلطان إلى أن ماتت سنة 749 هجري، أيام الوباء عن ألف جارية وثمانين خادما