من الفخر، بل جمحت نفسها إلى الغارة فأثارتها شعواء على مصر، فالحبشة، ففلسطين، فالهند، فانتصرت في جميع غزواتها إلا الهند فإن أفيالها قد ألقت الرعب في قلوب العسكر ولم تطل حياتها.
ولما بلغها خبر أفيل ملك الهند ارتابت وخافت من انتصار الهنود عليها وإذ لم يكن عندها قوة تضاهيها اجتهدت أن تدفع عنها هذه البلية بطريقة احتيالية فأمرت قواد العسكر بذبح ثلاثة آلاف بقرة من ذوات اللون الأسمر، وأن يسلخوها ويفصلوا جلودها على هيئة الأفيال، ويلبسوها للجمال، فامتثلوا ما أمرت وفعلوا ما ذكرت وعلى هذه الصورة أنزلتها إلى ميدان الحرب لتلقي الرعب في قلوب الأعداء بإظهارها لهم استعداداتها الحربية، وشوكتها القوية.
فلما انتشب القتال بين الفريقين انعطف ملك الهند الحقيقية على عساكر الأشوريين، وتقدمت الملكة سميراميس بجمالها وفرسانها وجلود ثيرانها، ولما اقترن العسكران والتقى الجيشان انكشفت للهنود تلك الحيلة وتحقق عندهم انه لا يوجد عند العداء أفيال كافيا لهم، وإن ما يرى إنما هي حيلة وخداع فتشجعوا وهجموا على صفوف الأشوريين هجمة هائلة فالتقتهم الملكة سميراميس برجالها وأبطالها فاشتد القتال وعظمت الأهوال، ودخلت أفيال الهنود بين صفوف الأشوريين فكانت تخطف الرجال عن خيولها وتدوسها، فما لبثت الجمال المصطنعة أن ولت الأدبار وطلبت النجاة والفرار، ولم تكن إلا برهة يسيرة حتى انكسر جيش الأشوريين وانتصرت الهنود انتصارا عظيما وكسبت غنائم جسيمة.
وكانت الملكة سميراميس قد انجرحت جرحا بليغا، ولكنها فازت بالهزيمة بسبب خفة فرسها ورجعت إلى بلادها مدحورة صاغرة.
ومن ذلك الحين زهدت في متاع الدنيا ومالت إلى الخمول فقتلها بعد يسير ابنها تيناس وذلك سنة 2000 قبل الميلاد فأنزلها الأشوريين منزلة الإله، وأقاموا لها صورا منقوشة بهيئة حمامة زعما منهم أنها نقلت عقب موتها بجسم حمامة وهي في كل حال فخر نساء العصر القديم ونور مشكاته.
هي سمية بنت خباط كانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي وكان ياسر حليفا لأبي حذيفة فزوجه سمية فولدت له عمار، فأعتقه أبو حذيفة. وكانت من السابقين إلى الإسلام. قيل: كانت سابع سبعة في الإسلام وكانت ممن يعذب في الله - عز وجل - أشد العذاب.
قال احد رجال آل عمار بن ياسر عن سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم على الإسلام وهي تأبى غيره حتى قتلوها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة فيقول: "صبرا آل ياسر موعدكم الجنة".
وروي أن أبا جهل ضربها في قلبها بحربة في يده فقتلها فهي أول شهيد في الإسلام. قال مجاهد: أول من اظهر الإسلام بمكة سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، وضباب، وصهيب، وعمار وسمية.
فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فمنعهما قومهما وأما الآخرون فألبسوا أدراع الحديد، ثم صهروا في الشمس وجاء أبو جهل إلى سمية فطعنها بحربة فقتلها.
ابن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشية العامرية، وأمها الشموس بنت يس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية.
وسودة هي