جدا وتحب ديانتها فوصلت إلى بيت لحم في أيام حصاد الشعير فذهبت "راعوث" لتلقط شعيراً للقيام بأمر حماتها واتفق أنها أتت حقل "بوعز" وكان رجلا غنيا وقريبا لحميها أليملك وكان القوم قد بلغهم ما كان من صنيعها مع حماتها وأمانتها لها وتفضيلها لأرض بعلها على وطنها فأحسن "بوعز" معاملتها وأعطاها ما التقطته ثم اتخذها له زوجة فرزق منها أولاداً كان من سلالتهم المسيح وإذا كانت "راعوث" جدة نبي الله داود يستنتج أنها كانت في أواخر حبرية "عالي" أو أول حبرية "صموائيل" ومن أراد تفاصيل قصتها فليراجعها في سفر راعوث.

راحيل الممثلة الشهيرة

ولدت هذه الشهيرة في الرابع والعشرين من شهر مارس سنة 1821م في قرية منف من أعمال سويسرا وكان أبوها يهوديا يحمل البضاعة ويطوف بها على البيوت وكان أسامها في الصغر "أليا" ثم دعيت "راحيل" بعد أن صارت مشخصة وكان لها أخ وأربع أخوات صاروا جميعهم مشخصين.

وانتقلت هذه العائلة من "سويسرا" إلى "جرمانيا"، ثم جاءت فرنسا فاستوطنت أولا بهون، ثم انتقلت إلى باريس وكانت "راحيل" وأختها "سارة" تغنيان في القهاوي والأزقة، وكان الناس يتصدقون عليهما واتفق يوما أن رآهما أحد المحسنين فعجب بهما وبالأخص ب "راحيل" وسألها قائلا من علمك الغناء؟ فأجابته" قد تعلمته بنفسي. فقال لها: وأين سمعت هذه الأغنية؟ فأجابت: قد سمعتها وأنا في الشوارع أمام الشبابيك، فحفظت منها ما أمكن حفظه فأعطاها بعض الثياب وصرفها ومن ذلك الوقت لم تعد تظهر في الشوارع.

وظهرت "راحيل" أول مرة في المرسح الفرنساوي في 12 يونيو سنة 1838م، ولم يكن في المرسح سوى أربعة أو خمسة أشخاص على الكراسي وبعض اليهود في أعلى التياترو، وهؤلاء كانوا قد أتوا ليسمعوا ابنة ملتهم وقد وصف الدكتور "فرون" تلك الليلية بقوله: ذهبت ذات يوم مساء للتنزه وكان الوقت حارا قليلا شأن أيام الصيف عندنا فدخلت المرسح الفرنساوي وإذا في محل التمثيل فتاة جديدة، وقد رأيت على وجه هذه الفتاة ملامح الحذق والذكاء حتى إن كل لفتة منها كانت تأتي بمعني جديد إلى أن قال: وما أخال أحداً من القراء يجهل هذه الفتاة التي ملأ ذكرها الأسماع -ألا وهي "راحيل" الممثلة الشهيرة- ولم يأت آخر (أغوسطوس) من تلك السنة حتى ملأ صيتها باريس، وأطنب بمدحها كثيرون من أرباب الأقلام، من جملتهم "جولجانن" الشهير.

وفي مدة لاتزيد عن ثلاثة أشهر توجت ملكة التمثيل وأشغلت الناس عن سواها من ممثلات تلك الأيام واعتبرها الشعب الفرنسوي غاية الاعتبار، فكانت واسطة عقد جمعياتهم وزهرها، وكانت الدعوات تأتي إليها من كل صوب حتى إنها كتبت إلى أحد أصدقائها تقول: لا يمكن للإنسان أن يأخذ حريته في معيشته إذا كان ممثلا مشهورا لدى الشعب الفرنسوي وكانت الوزراء تتردد على التياترو لسماعها والملك "لويس فيليب" أتى التياترو مرات عديدة إكراما ولها وذلك خلاف عادته ولم ينسها النجاح أهلها بل كانت تودهم كثيرا، وكتاباتها لهم مملوءة من المحبة والحنو، وكانت تود أصحابها القدماء كثيرا، وبلغها ذات يوم وفاة أحدهم فأرسلت إلى عائلته مبلغاً هائلاً من المال.

وقد أحيت بتمثيلها العوائد والمناظر الرومانية واليونانية التي كان قد مضى عليها مدة طويلة في زوايا النسيان، وقد وصفها "إسكندر دوماس" الراوي الشهير بأنها ذات سلطان قوي على عقول السامعين، فتؤثر فيهم حركاتها ونظراتها وصوتها المشجى حتى كانوا يملون من الفترة بين الفصول. وذهبت "راحيل" سنة 1840م إلى إنكلترا فأطنبت الجرائد بمدحها منها جريدة "التيمس" التي قالت: "إن تأثيرها في العقول ابتدأ من أول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015