رَاجِعٌ لِلْكُلِّ

(أَوْ احْتَجَمَ) أَيْ فَعَلَ مَا لَا يَظُنُّ الْفِطْرَ بِهِ كَفَصْدٍ وَكُحْلٍ وَلَمْسٍ وَجِمَاعِ بَهِيمَةٍ بِلَا إنْزَالٍ أَوْ إدْخَالِ أُصْبُعٍ فِي دُبُرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَظَنَّ فِطْرَهُ بِهِ فَأَكَلَ عَمْدًا قَضَى) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (وَكَفَّرَ) لِأَنَّهُ ظَنَّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ حَتَّى لَوْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ سَمِعَ حَدِيثًا وَلَمْ يَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ لَمْ يُكَفِّرْ لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ أَخْطَأَ الْمُفْتِي وَلَمْ يَثْبُتُ الْأَثَرُ إلَّا فِي الْأَدْهَانِ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: وَكَذَا النَّاسِي؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَمُّدُ الْإِفْطَارِ وَالنَّاسِي وَإِنْ تَعَمَّدَ اسْتِعْمَالَ الْمُفَطِّرِ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْإِفْطَارَ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى الْحِجَامَةِ ط وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ فَعَلَ مَا يَظُنُّ الْفِطْرَ بِهِ كَمَا لَوْ أَكَلَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ احْتَلَمَ أَوْ أَنْزَلَ بِنَظَرٍ أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا فَلَا كَفَّارَةَ لِلشُّبْهَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِلَا إنْزَالٍ) أَمَّا لَوْ أَنْزَلَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ وَهُوَ مُفْطِرٌ ط (قَوْلُهُ: أَوْ إدْخَالِ أُصْبُعٍ) أَيْ يَابِسَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ح فَلَوْ مُبْتَلَّةً فَلَا كَفَّارَةَ لِأَكْلِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِفْطَارِ بِالْبِلَّةِ ط (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَأَكْلِهِ بَعْدَ قُبْلَةٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ مُضَاجَعَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ فَاحِشَةٍ بِلَا إنْزَالٍ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَامَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَفَّرَ) تَرَكَ بَيَانَ وَقْتِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ إشْعَارًا بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَقِيلَ بَيْنَ رَمَضَانَيْنِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ، وَكَذَا لَا يُكْرَهُ نَفْلُهُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْقَضَاءَ إشْعَارًا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ احْتَجَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أَيْ فَلَوْ كَانَ الظَّنُّ فِي مَحَلِّهِ فَلَا كَفَّارَةَ حَتَّى لَوْ أَفْتَاهُ إلَخْ ط (قَوْلُهُ: يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِهِ) كَحَنْبَلِيٍّ يَرَى الْحِجَامَةَ مُفْطِرَةً إمْدَادٌ قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ إذَا كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى فَتْوَاهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ الْعَامِّيِّ فَتْوَى مُفْتِيه مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَذْهَبٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ فَتْوَى مُفْتِيه، وَفِي النِّهَايَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفِقْهُ وَيُعْتَمَدُ عَلَى فَتْوَاهُ فِي الْبَلْدَةِ وَحِينَئِذٍ تَصِيرُ فَتْوَاهُ شُبْهَةً وَلَا مُعْتَبَرَ بِغَيْرِهِ. اهـ.

وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ " يُعْتَمَدُ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ فَلَا يَكْفِي اعْتِمَادُ الْمُسْتَفْتِي وَحْدَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَمِعَ حَدِيثًا) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْوَى مِنْ قَوْلِ الْمُفْتِي فَأَوْلَى أَنْ يُورِثَ شُبْهَةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ عَلَى الْعَامِّيِّ الِاقْتِدَاءَ بِالْفُقَهَاءِ لِعَدَمِ الِاهْتِدَاءِ فِي حَقِّهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْأَحَادِيثِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ) .

أَمَّا إنْ عَلِمَ تَأْوِيلَهُ ثُمَّ أَكَلَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يُفْطِرُ لَا يُورِثُ شُبْهَةً لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ مَعَ فَرْضِ عِلْمِ الْآكِلِ كَوْنُ الْحَدِيثِ مُؤَوَّلًا ثُمَّ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ أَنَّ اللَّذَيْنِ قَالَ فِيهِمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ كَانَا يَغْتَابَانِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى الثَّانِي فَالْمُرَادُ ذَهَابُ الثَّوَابِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَثْبُتْ الْأَثَرُ) عُطِفَ عَلَى أَخْطَأَ الْمُفْتِي أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَثَرُ. اهـ. ح وَالْمُرَادُ غَيْرُ حَدِيثِ الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ.

وَأَمَّا أَحَادِيثُ فِطْرِ الْمُغْتَابِ فَكُلُّهَا مَدْخُولَةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَلَوْ لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ أَوْ ضَاجَعَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا تَأَوَّلَ حَدِيثًا أَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخْطَأَ الْفَقِيهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْفَتْوَى وَالْحَدِيثُ يُعْتَبَرُ شُبْهَةً اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَدْهَانِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يُكَفِّرْ يَعْنِي أَنَّهُ إنْ ادَّهَنَ ثُمَّ أَكَلَ كَفَّرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ؛ وَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015