صَحَّ عَنْ الْفَرْضِ، وَلَوْ نَوَى الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا لِلْمُنَافِي أَوَّلَ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّوْمِ إذَا أَطَاقَهُ وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ ابْنُ عَشْرٍ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ.
(وَإِنْ جَامَعَ) الْمُكَلَّفُ آدَمِيًّا مُشْتَهًى (فِي رَمَضَانَ أَدَاءً) لِمَا مَرَّ (أَوْ جَامَعَ) أَوْ تَوَارَتْ الْحَشَفَةُ (فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ) أَنْزَلَ أَوْ لَا (أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ غِذَاءً) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُدِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ بِهِ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَقَعَتْ فِي أَغْلِبْ الْكُتُبِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ تَسَامُحًا أَوْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: صَحَّ عَنْ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ الْغَيْرَ الْمُسْتَوْعَبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَكُلٌّ مِنْ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُمَا وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ مَنْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ إذَا طَهُرَتَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا) أَيْ لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُنَافِي إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَنَافٍ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ وَالصَّوْمُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَجَزَّأُ، فَإِذَا وُجِدَ الْمُنَافِي فِي أَوَّلِهِ تَحَقَّقَ حُكْمُهُ فِي بَاقِيهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ النَّفَلُ مِمَّنْ بَلَغَ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الصِّبَا غَيْرُ مُنَافٍ أَصْلًا لِلصَّوْمِ، وَالْكُفْرُ وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لَكِنْ يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَعَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ) أَيْ يَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْوُجُوبُ وَكَذَا يُنْهَى عَنْ الْمُنْكَرَاتِ لِيَأْلَفَ الْخَيْرَ وَيَتْرُكَ الشَّرَّ، ط (قَوْلُهُ: إذَا أَطَاقَهُ) يُقَالُ أَطَاقَهُ وَطَاقَهُ طَوْقًا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَالِاسْمُ الطَّاقَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ ط: وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ وَالْمُشَاهَدُ فِي صِبْيَانِ زَمَانِنَا عَدَمُ إطَاقَتِهِمْ الصَّوْمَ فِي هَذَا السِّنِّ. اهـ. قُلْت: يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْجِسْمِ وَاخْتِلَافِ الْوَقْتِ صَيْفًا وَشِتَاءً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَدْرِ الْإِطَاقَةِ إذَا لَمْ يُطِقْ جَمِيعَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيُضْرَبُ) أَيْ بِيَدٍ لَا بِخَشَبَةٍ وَلَا يُجَاوِزُ الثَّلَاثَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي أَحْكَامِ الْأُسْرُوشَنِيِّ الصَّبِيُّ إذَا أَفْسَدَ صَوْمَهُ لَا يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَامَعَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ وَوُجُوبُهَا مُقَيَّدٌ بِمَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا لَا مُكْرَهًا وَلَمْ يَطْرَأْ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَبِمَا إذَا نَوَى لَيْلًا (قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفُ) خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لِعَدَمِ خِطَابِهِمَا (قَوْلُهُ: آدَمِيًّا) خَرَجَ الْجِنِّيُّ أَبُو السُّعُودِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِالْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: مُشْتَهًى) أَيْ عَلَى الْكَمَالِ فَلَا كَفَّارَةَ بِجِمَاعِ بَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ وَلَوْ أَنْزَلَ بَحْرٌ بَلْ وَلَا قَضَاءَ مَا لَمْ يُنْزِلْ كَمَا مَرَّ وَفِي الصَّغِيرَةِ خِلَافٌ وَقِيلَ: لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ: فِي رَمَضَانَ) أَيْ نَهَارًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُوَاقِعٌ فَنَزَعَ لَمْ يُكَفِّرْ كَمَا لَوْ جَامَعَ نَاسِيًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ بَقِيَ بَعْدَ الطُّلُوعِ كَفَّرَ وَإِنْ بَقِيَ بَعْضُ الذَّكَرِ لَا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ قُهُسْتَانِيُّ وَقَدَّمْنَاهُ مُفَصَّلًا (قَوْلُهُ: أَدَاءً) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّهْرُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الصَّوْمَ لِيَشْمَلَ الْقَضَاءَ وَيَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ حُرْمَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَا تَجِبُ بِإِفْسَادِ قَضَائِهِ وَلَا بِإِفْسَادِ صَوْمِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَامَعَ) يَشْمَلُ مَا لَوْ جَامَعَهَا زَوْجُهَا الصَّغِيرُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلِتَصْرِيحِهِمْ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا دُونَهُ أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الرَّجُلُ بِجِمَاعِ الْمُشْتَهَاةِ يُكَفِّرُ كَالْمَرْأَةِ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَفِي الصُّورَتَيْنِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ) أَيْ غَابَتْ وَهَذَا بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِذَلِكَ ط (قَوْلُهُ: فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ) أَيْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الدُّبُرِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ وَلْوَالِجِيَّةٌ لِتَكَامُلِ الْجِنَايَةِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَنْزَلَ أَوْ لَا) فَإِنَّ الْإِنْزَالَ شِبَعٌ وَقَضَاءُ الشَّهْوَةِ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ وَقَدْ وَجَبَ بِهِ الْحَدُّ وَهُوَ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ فَالْكَفَّارَةِ الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ