(كَمُسَافِرٍ أَقَامَ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ وَمَرِيضٍ صَحَّ) وَمُفْطِرٍ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ خَطَأً (وَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَكُلُّهُمْ يَقْضُونَ) مَا فَاتَهُمْ (إلَّا الْأَخِيرَيْنِ) وَإِنْ أَفْطَرَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْيَوْمِ وَهُوَ السَّبَبُ فِي الصَّوْمِ لَكِنْ لَوْ نَوَيَا قَبْلَ الزَّوَالِ كَانَ نَفْلًا فَيَقْضِي بِالْإِفْسَادِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ.
وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَرِيضُ قَبْلَ الزَّوَالِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكُلُّ قَبِيحٍ شَرْعًا تَرْكُهُ وَاجِبٌ فَالْفِطْرُ تَرْكُهُ وَاجِبٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: كَمُسَافِرٍ أَقَامَ) أَيْ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ أَمَّا قَبْلَهُمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ نَوَى الْفِطْرَ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِصِفَةٍ لَوْ كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ عَلَيْهَا لَلَزِمَهُ الصَّوْمُ فَعَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ إذْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الصَّيْرُورَةَ لِلتَّحَوُّلِ وَلَوْ لِامْتِنَاعِ مَا يَلِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْمُفَادُ بِهِمَا فِيهِ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ حَالَةٌ بَعْدَ فِطْرِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا قَبْلَهُ وَكَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ اللَّيْلِ أَوْ أَفْطَرَ كَذَلِكَ وَلِذَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَالْأَهْلِيَّةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ بِأَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا أَوْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ ثُمَّ تَبَيَّنَ طُلُوعُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ تَشَبُّهًا اهـ.
فَقَدْ جَعَلَ لِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ أَصْلَيْنِ تَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا الْفُرُوعُ وَقَدْ حَاوَلَ فِي الْفَتْحِ تَصْحِيحَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَأَبْدَلَ صَارَ بِتَحَقُّقٍ لَكِنَّهُ أَتَى بِلَوْ الِامْتِنَاعِيَّةِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا أَرَادَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ: طَهُرَتَا) أَيْ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ) أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ أَوْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ وَإِلَّا فَإِذَا نَوَى صَحَّ صَوْمُهُ كَمَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: وَمُفْطِرٍ) عَبَّرَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُفْطِرٍ وَمُفْطِرٍ وَأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَخِيرَانِ يُمْسِكَانِ كَمَا مَرَّ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْطَرَا) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْبَحْرِ سَوَاءٌ أَفْطَرَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ صَامَاهُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ صَوْمَ الْكَافِرِ لَا يَصِحُّ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ النِّيَّةُ الْمَشْرُوطَةُ بِالْإِسْلَامِ فَالْمُرَادُ صَوْمُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ إذَا أَسْلَمَ فِي وَقْت النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا) أَيْ لِأُصَلِّ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا أَهْلٌ لَهُ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهَا وُجُوبُ الْأَدَاءِ فَلِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَمِثْلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَالْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ السَّبَبُ فِي الصَّوْمِ) أَيْ السَّبَبُ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ وَهَذَا عَلَى خِلَافِ مَا اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَقَيَّدَ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي الصَّلَاةِ الْجُزْءُ الْمُتَّصِلُ بِالْأَدَاءِ وَلِهَذَا لَوْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ السَّبَبِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ، فَلِذَا لَمْ يَجِبْ صَوْمُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَأَوْرَدَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ فِيهِ هُوَ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ الْإِمْسَاكُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ السَّبَبُ عَلَى الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَزِمَ سَبْقُ الْوُجُوبِ عَلَى السَّبَبِ وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ التَّقَدُّمِ هُنَا سَقَطَ لِلضَّرُورَةِ وَتَمَامُ تَحْقِيقُهُ فِيهِ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ نَوَيَا إلَخْ) أَيْ الْأَخِيرَانِ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ إمْسَاكِهِمَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ الْفَرْضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَيَصِحُّ نَفْلًا لَوْ نَوَيَا قَبْلَ الزَّوَالِ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَاهُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَجَزَّأُ وُجُوبًا وَأَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ مَعْدُومَةٌ فِي أَوَّلِهِ. اهـ.
ثُمَّ إنَّ صِحَّةَ نِيَّةِ النَّفْلِ خَصَّهَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِالصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّطَوُّعِ وَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لَهُ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ فَمَا هُنَا قَوْلُ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الزَّوَالِ)