أَبياتُ المَتَنبِّي من قَصيدةٍ يَمدحُ بهَا أَبا الفَضْلِ بن العميد يَقولُ مِنْهَا:
كَم غَرَّ صبرُكَ وَابتسَامك صَاحبًا ... لمَّا رآهُ في الحَشا مَا لا يَرى
أَمر الفؤادُ جُفونَهُ ولسَانَهُ ... فَكَتَمنَهُ وكَفَى بحبِكَ مُخبِرَا
قَد كُنت أَحذَرُ عَينهُم مِن قَبلهِ ... لَو كَانَ يَنفَعُ خَائنًا أَن يَحذَرا
فبلحظِهَا نكرت قَناتِي رَاحتي ... ضعفًا وَأنكر خاتمًا لي الخنصرَا
أَعطَى الزَّمانُ فأقبَلت عَطاءَهُ ... وَأرادَ لِي فأرَدتُ أَلا تُخيرا
لَو كُنتُ أفعَلُ مَا اشتهَيتُ فعَالَهُ ... مَا شقّ كَوكَبُكَ العَجاج الأكدَرا
يقولُ منهَا:
وأَني أَبَا الفَضْلِ المُبرَّ أُليَّتِي ... لأُيَممَنَّ أَجَلَّ بحرٍ جَوهَرَا
أَفنَى بزَورتهِ الأَنامَ وَجاشَ لي ... من أَن أَكونَ مقصرًا أو مقصرا
بأبِي وَأُمِّي نَاطِق في لَفظِهِ. البَيت، وبَعدَهُ:
يَتكسَّبُ القَصبُ الضَّعِيفُ بخَطِّهِ ... شَرفًا عَلى صُم الرِّماحِ ومَفخَرَا
وَيبينُ فيما مسَّ منه بَنانهُ ... تيهُ الملوكِ فَلو مَشى لتبختَرَا
يَا مَن إذا وَرَد البلادَ كتابَهُ ... قبلَ الجُيوش ثنى الجُيوشَ تحيُّرَا
أَنت الوَحيدُ إِذَا رَكبتَ طَريقةً ... فمِنَ الرَّديفُ وقَد رَكبت غضنفَرَا
قَطفَ الرجَالُ القولَ قبل نَباتهِ ... وقَطعت أنتَ القول لمَّا نَسوَّرا
فَهُوَ المتبَّعُ بالمَسَامِعِ إِن مَضَى ... وَهُو المضاعفُ حُسنُهُ إِن كُررَا
وَإِذا سَكتَّ فإنَّ أبلغ خَاطب ... قلَم لك اتَّحد الأصابعَ مِنبَرا
وَرسائل قطعَ العَداة سحاءَها ... فرأَوا قَنًا وأَسنَّةً وَسنوَّرا
مَن مُبلغُ الأَعرابِ أَنِّي بَعدَهَا ... جَالستُ رُسطالَيسَ والإسكندَرَا
ومَللتُ نحو عشارهَا فاضافَنِي ... مَن ينحَر البَدرَ النُضارَ لمن قَرَى
وسَمعتُ بطليمُوسَ دَارِسَ كتبهِ ... مُتملّكًا مُتبدّيًا مُتَحضِّرَا
وَلَقِيتُ كل الفاضِلين كأنّما ... ردَّ الزَمانُ نفوسَهُم والأعصُرا