تلتفت إلى مقالة الناس ما دامت الأوامر وحي ًا من الله، ولا تستحي من أحد؛ لأن الله أحق أن يستحيا منه.
والعجيب أن القرآن الكريم قد قرر أن زواج زوجة المتبنا ة هذا مباح لا حرج فيه، بل هو مشروع وكان مقررًا في الشرائع السابقة، تأم َّ ل الآية: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (الأحزاب: 38) إذًا الذي أخفاه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أن زوج زيد السيدة زينب بن جحش سوف يطلقها ويتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليعلم الناس أن زواج زوجة المتبنَّى هذا أمر جائز مشروع، ويجب أن ي ُ بطل ما عرفته العرب من حرمة زواج زوجة المتبنى، وأن ذلك كزوجة ال ابن، أراد القرآن الكريم بعد أن تبنى رسول الله زيد ًا ثم أعتقه وزوجه ابن ة عمته زينب ًا، وكانت أمام رسول الله لو كان يريدها لتزوجها من قبل، ولكن الله أراد بهذا أن تنتهي هذه الحالة التي كانت العرب تأنف منها، وكان وا لا يرضون أن يتزوج الرجل زوجة متبناه.
فالذي أخفاه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} هو الذي أبداه الله وأظهره بقوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} هذا الذي أخفاه النبي -صلى الله عليه وسلم- خشيةَ الحرج من زيد، وخشية ملامة البعض؛ لأنهم لا يفهمون الحكم الشرعي، ومن أجل ذلك كانت الآيات واضحة.
فكلام الناس في الروايات الإسرائيلية أن النبي رآها وأ ُ عجب بها، ونظر إليها، هذا من الإسرائيليات والأكاذيب التي دس َّ ها لكتب التفسير في العصر الأول هذا الرجل النصراني الذي كان عدو ًّا للإسلام يوحنا الدمشقي.