أما الآيات فهي قوله سبحانه: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (الأحزاب: 37).
روى البعض من المفسرين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى زينب أبصرها بعدما أنكحها زيد بن حارثة وتبن َّ اه بعدما أعتقه، فوقعت زينب في نفسه، فقال: "سبحان مقلب القلوب " وذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، أوردوا أيضًا أن الرسول خرج يوم ً ايريد زيدًا، وعلى الباب ستر من شعر فيرفع الريح الستر ف انكشفت زينب بنت جحش وهي في حجرتها حاسرة؛ فوقع إعجابها في قلب النبي، حاشاه -صلى الله عليه وسلم.
هذه القصة البا ط لة ما ذكره بعض المفسرين بهذا الشأن ما هو إلا أكاذيب وأ باطيل وإسرائيليات، وإذا ما حققنا في هذا الأمر عرفنا أن الذي كان سببًا في هذه الثورة الاستشراقية على الإسلام والرسول يرجع في أصله إلى يوحنا الدمشق ي، نصراني عاش في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري: هذا الرجل وجد أن ينقل هذه الإسرائيليات، وو ُ جد في عهد عبد الملك بن مروان وكان اسمه بالعربي منصور، هذا الرجل هو الذي دس َّ أو ل فِرية مما يتناقله الناس بعده من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عشق زينب بنت جحش، وفشت هذه الفرية وراجت بين تابعي التابعين حتى جاءت على لسان قتادة منسوبةً إليه، وذكرها ابن جرير الطبري ونقلها عنه غيره من المفسرين فكانت أعظمَ ال افتراء، وهي تتجافى عن نسق الآية وعن عصمة نبينا محمد ٍ -صلى الله عليه وسلم- وعن خلقه.
ولم يثبت في الصحاح شيء من هذا أبدًا، ولم ينسب هذا التاريخ لأحد ٍ بطريق مقبول، وكان يوحنا هذا نصراني ًّا، له باع في المجادلة والمناظرة، وكان يستطيع