أما الكلبي فكان سبئيًّا متسترًا بحبه أهل البيت، قال ابن حبان: قد كان الكلبي سبئيًّا، من أولئك الذين يقولون أن عليًّا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا، ويملأها عدلًا كما ملئت جورًا، وإن رأوا سحابة قالوا: أمير المؤمنين فيها. وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحل النظر في تفسير الكلبي؟ قال: لا. وذكر السيوطي الإمام العلامة أن أوهَى الطرق عن ابن عباس طريقة الكلبي عن أبي صالح، فإن أنضم إليها رواية محمد بن السدي بن مروان السدي الصغير، فهي سلسلة الكذب.
أما مقاتل بن سليمان فإنه متهم بالتجسيم، قال ابن حبان: كان مقاتل يشبه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث كما كان متهمًا في علمه. وقال يحي بن معين: مقاتل بن سليمان ليس حديثه بشيء. وكذا قال ابن حنبل عنه.
وهكذا إخوة الإسلام كثرت الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير بَيْد أنها كانت مسندة؛ يعني: كانت الروايات تذكر بأسانيدها، وحجة من ذكر هذه الروايات ذكر السند على حد قول من قال: من أسند فقد حملك، من ذكر لك الرواية بسندها، فربما خرج من التبعة؛ فأنت تستطيع أن تقيّم السند، وتحكم على درجة الحديث، وفَعَل هذا ابن جرير وغيره من المفسرين.
ثم حصلت الطامة الكبرى عندما جاء بعد ذلك من المفسرين من روى هذه الإسرائيليات محذوفة السند، ولم يتحر الدقة فيما ينقل، فكان ذلك بلاءً وشرًّا مستطيرًا؛ لأن حذف السند وحذف الأسانيد جعل من ينظر في الروايات وفي هذه الكتب يظن أنها صحيحة، فكان يعتقد صحة كل ما جاء فيها؛ ثقةً منه بأصحابها الذين نقلوها، وجاء من نقل عنهم كل ما حوته رواياتهم من الأكاذيب والأباطيل معتقدين صحتها وصدقها، فامتلأت كتب التفسير بالإسرائيليات.