على كل حال هذه الطائفة من ابن سبأ وأتباعه، قصدت إلى إدخال قدر كبير من الأباطيل في ثقافة المسلمين للنيل من دين المسلمين، ومن مكانة المسلمين.
كيف تسللت الإسرائيليات إذًا إلى التفسير؟
هذا أمر يرجع إلى عصر الصحابة -رضي الله عنهم- وذلك لأن القرآن يتفق مع التوراة والإنجيل في أمور كثيرة، في العقائد، وفي الأخلاقيات، وكذلك في بعض القصص؛ يعني: هناك قصص ذكر في التوراة والإنجيل وذكر في القرآن مع فارق واحد، هو أنه ذكرت هذه القصص ذكرت في القرآن الكريم على وجه الإيجاز، بينما كان في التوراة والإنجيل بسط وتفصيل لبعضها.
فكان من مصادر التفسير عند الصحابة أن يرجعوا إلى أهل الكتاب، غير أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا على فطنة؛ إذ لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء، ولم يقبلوا منهم كل شيء، وإذا ما عرضنا بعض الأمثلة أمامنا روايات، فهناك ما ورد بين الصحابي الجليل أبي هريرة وكعب الأحبار، وما ورد أيضًا بين أبي هريرة وعبد الله بن سلام.
والروايات في هذه كما ذكرها الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئًا، إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها)) اختلف السلف في تعيين هذه الساعة، وهل هي باقية أو رفعت؟ وإذا كانت باقية، فهل في جمعة واحدة من السنة أو في كل يوم جمعة؟ فنجد أبا هريرة -رضي الله عنه- يسأل كعب الأحبار عن ذلك، فيجيبه بأنها في جمعة واحدة من السنة، فيرد عليه أبو هريرة قوله هذا، ويبين له أنها في كل جمعة، فيرجع كعب إلى التوراة فيرى الصواب مع أبي هريرة، فيرجع إليه.