أزعجته، فقالوا له: سيولد ولد في ملكك يكون زوال دولتك وملكك على يديه، فأمر بقتل المواليد، ولما انتبه المقربون منه إلى أن قتل المواليد عدة سنين سيقضي على القوة العاملة؛ لأن الموجودين سينالهم الكِبر والشيخوخة، والدولة بحاجة إلى قوة جديدة، فخفف الحكم، يقتل المواليد عامًا، ويبقيهم عامًا آخر.
شاءت إرادة الله أن يولد موسى في العام الذي فيه أمر بقتل المواليد، وشاءت إرادة الله أن ينقل موسى إلى بيت فرعون، وأن يتربى بين يديه وفي حِجره، وهو الذي يحمله ويربيه، ولما امتنع موسى عن الإرضاع كان فرعون هو الذي يسعى على طلب مَن ترضعه، ويدفع الميزانية كاملةً لتربية موسى ورعايته وحضانته وهو في بيت أمه، ويعود موسى إلى بيت فرعون؛ بدلًا من أن يكون قرة عين لهذه الأسرة، بل كان كما أخبر الحق -جل وعلا- إن موسى جاء إليهم ليكون لهم عدوًّا وحزنًا.
قال الإمام النسفي -وهو أحد رواة الإسرائيليات-: روي أنه في طلب موسى ذُبِحَ تسعون ألف وليد؛ يعني: حرصًا من فرعون على أن يقضي على الوليد الذي سيولد ويعيش ويكون دمار فرعون وذهاب مُلكه على يدي هذا الوليد، أمر بقتل المواليد.
اختلف الناس أصحاب الإسرائيليات في هذا العدد، البعض قال: تسعون ألف وليد قتل، هذه الرواية ذكرها عدد من المفسرين: الزمخشري في (الكشاف) والفخر الرازي في (مفاتح الغيب) حتى الإمام النيسابوري في تفسيره على (هامش الطبري) والعلامة الألوسي أيضًا ذكر هذا العدد، هذه الرواية حددت عددًا من القتلى، يختلف مع العدد الذي ذكره رواة أُخر، الإمام الثعلبي في روايته عن وهب بن عتبة قال الثعلبي: وقال وهب: بلغني أنه ذبح في طلب موسى سبعون ألف وليد.