ولا يخفى أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا أصحاب مدارس عظيمة؛ فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أعظم مدارس التفسير ثلاثة؛ مدرسة ابن عباس بمكة، ومدرسة ابن مسعود بالكوفة، ومدرسة أُُبَي بالمدينة؛ إن كل مدرسة من هذه المدارس كان لها رجالها وتلاميذها، وقد ملئوا ثقافة الأمة بأقوال صحيحة، وتفاسير مرضية.
والخلاصة: هل التفسير بالرأي كله مقبول؟
الجواب: إن التفسير بالرأي قسمان؛ الأول: التفسير الممدوح المقبول:
وهو التفسير المبني على المعرفة الكافية بالعلوم اللغوية، والقواعد الشرعية والأصولية؛ أصول الدين وأصول الفقه، وعلم الحديث والمصطلح، وألا يعارض نقلًا صحيحًا، ولا عقلًا سليمًا، ولا علمًا يقينًا ثابتًا مستقرًّا، مع بذل غاية الوسع في البحث والاجتهاد، والمبالغة في تحري الحق والصواب.
ومن هذا تفاسير كثيرة منها: تفاسير الإمام الرازي، ومنها (البحر للمحيط) لأبي حيان و (تفسير البيضاوي) و (تفسير روح المعاني) للآلوسي و (زاد المسير) لابن الجوزي، تفاسير كثيرة تملأ ثقافتنا الإسلامية.
القسم الثاني من التفسير بالرأي: وهو التفسير المذموم المردود:
وهو تفسير من غير تأهلٍ له بالعلوم التي لا بد منها للمفسر، أو التفسير بالهوى والاستحسان، أو التفسير المقصود به تأييد المذهب الفاسد والنِّحْلة الخاصة والرأي الباطل، أو تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله -تبارك وتعالى- وهذا اللون من التفسير كثيرًا ما يشتمل على المرويات الواهية والباطلة، ولا ننطرق تفصيلًا؛ فإننا نعرف تفاسير الشيعة، تفاسير المعتزلة، تفاسير الخوراج، التفسير الإشاري لبعض الصوفية المغالين، ويندرج تحت هذا تفاسير الباطنية، وأقوال البابية، والبهائية، والملاحدة، ونحو ذلك.