برأيي؛ فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه؛ الكلالة هي من لا ولد له ولا والد؛ فلما ولي الخلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه وأرضاه- قال: إني لأستحي أن أخالف أبي بكر في رأي رآه.
وهذا يدل على أن قوله: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني؟ إنما أراد به أن يتكلم بما لم يقم عليه دليل، أو بما لا علم له به، أو تخوفًا من أن لا يصيب مراد الله -سبحانه وتعالى.
يقول لنا العلامة الحافظ ابن كثير: فهذه الآثار الصحيحة، وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم من الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه، فأما من تكلَّم بما يعلم من ذلك لغةً وشرعًا؛ فلا حرج عليه، ولذلك روي عن هؤلاء وغيرهم أقوالٌ في التفسير كثيرة، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه الإنسان عملًا بقوله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (آل عمران: 187) ولِمَا جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي ورد من طرق: ((من سئل عن علم فكتمه؛ أُلجم يوم القيامة بلجام من نار)).
وأيضًا نقول استلالًا لجواز التفسير بالرأي مع الانضباط بالشروط: روي عن كثير من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تفسير القرآن الكثير والكثير، كالسادة الأخيار؛ عليٌ، وابن مسعود، وابن عباس حبر الأمة الذي لا تجد آية من كتاب الله، إلا وله فيها رأي، وكذا أُبي بن كعب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وأبو هريرة، وغيرهم؛ فلولا أنت تفسير القرآن جائز لمن تأهل له؛ لما فعلوه؛ لأنهم كانوا أشد الناس ورعًا وتقوى، ووقوفًا عند حدود الله -سبحانه وتعالى.