عبد الله بن سلام: ذلك الصحابي الجليل المشهود له بالجنة، وهو من الذين أسلموا من أهل الكتاب، عبد الله بن سلام بن الحارث أبو يوسف، من ذرية يوسف النبي -عليه السلام- حليف القوافل من الخزرج، وهو إسرائيلي، ثم أنصاري، حبر عظيم من أحبار اليهود، دخل الإسلام عندما قدم رسول الله إلى المدينة -صلوات الله وسلامه عليه- شهد له القرآن بالإيمان والصدق، فقد نزل فيه قول الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} (الأحقاف: 10).
وروى الإمام البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال: "ما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لأحد إنه يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام. قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ".
وأعرف أنه نزلت فيه آية أخرى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} (الرعد: 43).
رغم هذه المكانة العظيمة لابن سلام طعن عليه المغرضون كأبي رية في كتابه (أضواء على السنة المحمدية) بمثل ما طعن في عبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم من الصحابة الأجلاء، ويذكر حديث البشارة بالنبي بأنه خرافة، وسبق أن بينا صحة الحديث وثبوته في (صحيح الإمام البخاري).
تميم بن أوس الداري: هذا الذي قدم المدينة فأسلم سنة تسعٍ، وهذا الصحابي الجليل الذي طعن فيه أبو رية وغيره، قال عنه: إنه لوث الإسلام بالمسيحية. وهذا قول مخالف للحقيقة، فلقد كان تميم صادقًا عَدْلًا، ومن أهل العلم، ووأهل الفن هم علماء الجرح والتعديل، وهم أدرى به حيث وثَّقوه وعدلوه، ورووا له في أصح كتب السنة.