يقول أبو رية: في كتابه (أضواء على السنة): إن عبد الله بن عمرو بن العاص خدعه اليهود، ودل على هذا بحديث البشارة بنبوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووصف الحديث بأنه خرافة إسرائيلية امتدت وسرت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص من أحد تلاميذ كعب الأحبار.
هذا الكلام يمكن رده ودفعه: إن الحديث الذي وصف بأنه خرافة أو أنه من وضع عبد الله بن سلام وكعب الأحبار حديث صحيح، شهد له القرآن الكريم، وجاء في أصح مصادر السنة، وهو (صحيح البخاري) ففي القرآن الكريم يقول الله -تعالى-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثََ} (الأعراف: 156، 157) إلى آخر الآيات.
أما الحديث في البخاري فقد جاء في كتاب التفسير: باب قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (الأحزاب: 45) جاء الحديث عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم- أن هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} قال: في التوراة: يا أيها النبي إن أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحِرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ... ". إلى آخر الحديث.
فهل يعقل أن هذا الحديث خرافة، كما يدعي أبو رية وغيره، هذا كلام ليس صحيحًا.