فنسبة الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كذبٌ واختلاق؛ لأن الرسول لم يقله، نعم هناك من قول النبي ما هو أعظم، وما هو أدق، وأوفى من هذا؛ وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما ملأ ابنُ أدم وعاءً شرًًّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلاتُ -أي: لقيمات- يقمن صلبه؛ فإن كان ولا بد؛ فثلث لطعامِهِ، وثلثٌ لشرابه، وثلث لنفسه)) رواه الترمذي، قال: حديث حسن.
وقد كان الإمام البيضاوي على حق عندما ذكر القصة التي ذكرها الزمخشري، ولكنه اكتفى بالبيان عن الآية، ولم يذكر الحديث؛ فقد علمتَ أنه ليس من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
هناك كتب التفسير (الزمخشري) و (النسفي) أورد بعض القراءات الشاذة التي تنسب إلى الإمام أبي حنيفة، وقد بين ذلك الإمام الخطيب في تاريخه، والإمام الذهبي في (طبقات القراء) وابن الجزري في (الطبقات) والذي وضع هذه القراءات، هو محمد بن جعفر الخزاعي المتوفى سنة سبع وأربعمائة، ونقلها عنه أبو القاسم الهُزلي.
قال الذهبي في (الميزان) في ترجمة محمد بن جعفر الخزاعي هذا؛ أنه ألف كتابًا في قراءة الإمام أبي حنيفة، فوضع الدارقطني خطه عليه بأن هذا موضوع، لا أصل له، وذلك مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28) برفع لفظ الجلالة، ونصب لفظ العلماء كأنه قرأ: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ" وطبعًا هذا كلام غير صحيح، وإذا كانت موضوعة؛ فلا حاجة للتكلف بتصحيح معناها، كما فعل الزمخشري في ت فسيره -والله أعلم.