تقبلوها بحسن نية، ورووها لغرابَتِها لا اعتقادًا بصحتها، ونحمد الله أن وُجِدَ في علماء الأمة من ردَّ هذا الباطل وتنبه له، قبل أن تتقدم العلوم الكونية، كما هي عليه اليوم.
ومن العجيب: أن يتعقب كلام القرافي ابن حجر الهيتمي، فقال: ما جاء عن ابن عباس مروي من طرق خرجها الحفاظ، وجماعة ممن التزموا تخريج الصحيح، وقول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه حكمه حكم المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.
وأنا أقول للشيخ الهيتمي: إن تخريجَ من التزم الصحةَ ليس بحجة، وكم من ملتزمٍ شيئًا لم يفِ بِهِ، والشخص قد يسهو ويغلط مع عدالَتِهِ، وأنظار العلماء تختلف؛ هذا كلام شيخنَا أبو شهبة، يقول: انظر العلماء تختلف، والإمام الحاكم على جلالته، صحح أحاديث حكم عليها الإمام الذهبي وغيره بالوضع، وكذلك ابن جرير على جلالة قدرِهِ أخرج رواياتٍ في تفسيره حكم عليها الحفاظ بالوضع والكذب، ولو سلمنَا صحتهَا عن ابن عباس فلا ينافي ذلك أن تكون من الإسرائيليات الباطلة، كما قال العلماء غير مرة.
وأما أن لها حكم الرفع فغير مُسَلَّم؛ لأن المحققين من أئمة الحديث على أن ما لا مجال للرأي فيه له حكم الرفع؛ إذا لم يكن الصحابي ممن عُرِفَ بأنه يأخذ عن مسلمةِ أهلِ الكتاب، وابن عباس ممن أخذ عنهم، فلا يسلَّمُ لكلامه أن يكون له حكم الرفع، ثم يقول الشيخ أبو شهبة: أقول للهيتمي، ومن يرى رأيه: أي فائدةٍ نجنيهَا من وراء هذه المرويات التي لا تتقبلها عقول تلاميذ المدارس فضلًا عن العلماء، اللهم إلا أننا نفتح با لانتصار لها بابًا للطعن في عصمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا جاز هذا في عصور الجهل والخرافات فلا يجوز اليوم؛ وقد أصبح رواد الفضاء يطوفونَ حولَ الأرض، ويرونها معلقة في الفضاء بلا عمد ولا جبال ولا