ذلك، وأمر بذبحها، وقال: أنا حملته على ذلك؛ يعني أدرك هذا الأمير أن الحديث زيد فيه، وكذب فيه بزيادة لفظ "أو جناح"، وذكر: أنه لما قام قال هذا الخليفة: أشهد أن قفاك قفا كذاب.
وقد يحمل هذا النوع بعدًا سياسيًّا، كما حكى أبو عبد الله ولي المهدي، قال: قال لي المهدي: ألا ترى ما يقول لي مقاتل، قال: إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس، قال: لا حاجة لي فيها سبحان الله.
سادسًا: من الأسباب أيضًا التي روجت للأحاديث الموضوعة الترغيب والترهيب مع الرغبة في الخير والجهل بالدين؛ وذلك أن قومًا من العباد والزهاد رأوا الناس قد انصرفوا عن القرآن، فأرادوا أن يصرفوهم إلى القرآن ويعيدوهم إليه، وإن كانت الوسيلة في ذلك غير مشروعة، وتتمثل في الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد فعلوا ذلك.
ومن أمثلة ما وضع حسبة ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قال لأبي عصمة نوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق؛ فوضعت هذا الحديث حسبة، وكان يقال لأبي عصمة هذا: نوح الجامع، قال ابن حبان: نوح هذا جمع كل شيء إلا الصدق.
وروى ابن حبان في (الضعفاء) عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث؟ من قرأ كذا فله كذا، ومن قرأ سورة كذا فله كذا؟، قال: وضعتها أرغب الناس، وهذا العمل مع ما فيه من حسن النية إلا أنه مردود غير مقبول؛ لأن النصوص الشرعية فيها من الترغيب والترهيب ما يجعلنا في غنًى عن هذا الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا العمل كأنه استدراك على الله وهو