هذا، بل ذهب بعضهم إلى وضع قدر كبير من الأحاديث، ونسبوها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو منها بَرَاء.
يروي لنا الإمام ابن الجوزي بسنده عن شيخ من الخوارج قد تاب ورجع يقول هذا الشيخ: "إن هذه الأحاديث دين؛ فانظر وا عمن تأخذوا دينكم؛ فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيرناه حديثًا".
كما يروي أيضًا ابن الجوزي بسنده إلى حماد بن سلمة، قال: حدثني شيخ لهم؛ الشيعة الرافضة، وهي فرق من شيعة الكوفة سموا بذلك؛ لأنهم رفضوا أي: تركوا زيد بن علي بن الحسين -رضي الله عنه- حين نهاهم عن الطعن في الصحابة، فلما عرفوا مقالته، وأنه لا يبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رفضوه، ومن ثم استعمل هذا اللقب في كل من غلى في هذا المذهب، وأجاز الطعن في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: حدثني شيخ لهم عن الرافضة قال: كنا إذا اجتمعنا واستحسنا شيئًا جعلناه حديثًا.
وقال الحاكم أيضًا: كان محمد بن القاسم الطيكاني من رءوس المرجئة، وكان يضع الحديث على مذهبهم، ثم روى بسنده عن المحاملي قال: سمعت أبا العيناء يقول: أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك، وأدخلناه على الشيوخ ببغداد قبلوه، إلا ابن أبي شيبة العلوي؛ فإنه قال: لا يشبه آخر هذا الحديث أوله، وأبى أن يقبله.
وإذا كانت هذه الفرق المبتدعة قد وضعت كل هذه الأحاديث لخدمة أغراضها؛ فإن علماء المسلمين أصحاب العقيدة السليمة قد تنبهوا لها منذ مولدها، وكانوا لها بالمرصاد.