المسلمين هو القرآن الكريم، ولما عجزوا من النيل من القرآن؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد وعد بأنه حافظ كتابه، فهذا الوعد في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} (الحجر: 9) لما لم ينل هؤلاء مآربهم من النص القرآني مباشرةً؛ تصوروا أنهم سيجدون في التقول على نبي الإسلام والكذب عليه مآربهم، ومن هنا راحوا يدسون سمومهم، ويروجون أباطيلهم، يحللون بها الحرام، ويحرمون بها الحلال، ويدعون إلى مذاهب الكفر والإلحاد.
انظر ما قاله الإمام السيوطي في (تدريب الراوي) قال: وضعت الزنادقة جملًا من الأحاديث يفسدون بها الدين، ولكن جهابذة الحديث؛ أي: رجاله ونقاده بينوا أنها موضوعة، وكشفوا زيفها، ولله الحمد.
روى العقيلي بسنده إلى حماد بن زيد قال: وضعت الزنادقة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعةَ عشر ألف حديث، منهم: عبد الكريم بن أبي العرجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي، قال ابن عدي: لما أخذ يضرب عنقه، قال: وضعت فيكم أربعةَ آلاف حديث؛ أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام، هذا اعتراف لواحد من هؤلاء الزنادقة.
ومن هؤلاء بيان بن سمعان النهدي الذي ظهر بالعراق بعد المائة، وادعى ألوهية علي، وزعم مزاعم فاسدة فقتله خالد بن عبد الله القسري على ذلك، وأحرقه بالنار.
ويقول الحاكم: كمحمد بن سعيد الشامي المصلوب بالزندقة، فقد روى عن حميد عن أنس مرفوعًا: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله" وضع هذا الاستثناء؛ لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة، والدعوة إلى التنبؤ. انظر أيضًا: (تدريب الراوي) الجزء الأول، وانظر: (الملل والنحل) للشهرستاني، و (الباعث الحثيث) كلهم نقلوا لنا هذه النماذج من أسماء الزنادقة.