ثالثًا: من الدخيل: ما أورده المفسرون ومنهم: أبو السعود وكثيرون من أنهم -أي: قوم إبراهيم- حين قرروا حَرقه بنوا له حظيرة لإلقائه فيها، ولذلك جمعوا أصلاب الحطب لمدة أربعين يومًا - أي: الحطب الغليظ وجذوع الأشجار وغير ذلك - وجعلوا الخليل في كفة المنجنيق بإشارة إبليس اللعين، أو صنعه لهم رجلٌ من الأكراد؛ فخسف الله تعالى به الأرض؛ فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. هذه أخبار لا نملك دليلًا ينهض بصحتها، ومثل ذلك لا يعرف إلا عن طريق ثقة، أو خبر معصوم، وحيثُ لا يُوجد لا هذا ولا ذاك؛ فهذه الأخبار إنما هي من قبيل ما لا يُصدق ولا يُكذب.

على أن الأخبار التي ذكرها أبو السعود دون أن يعزوها لقائل؛ إنما هي من رواية محمد بن مروان السُّدي ومقاتل بن سليمان البلخي، وسبق أن أشرنا إلى أن ما يُروى عن طريق محمد بن مروان السُّدي والكلبي إنما هي رواياتٌ لا تُقبل؛ لأن محمد بن السائب الكلبي ومقاتل بن سليمان ومحمد بن مروان السُّدي الصغير كلهم كانوا متهمين؛ الكلبي كان متهمًا بكونه سبئيًّا متسترًا بحب آل البيت؛ كما سبق القول ويتستر بالإخلاص لآل البيت، قال عنه ابن حبان: كان الكلبي سبئيًّا من الذين يقولون: إن عليًّا لم يمت، وأنه راجع إلى الدنيا ويملؤها عدلًا كما مُلئت جورًا، قال الإمام أحمد: لا يَحِلُّ النظر في تفسير الكلبي.

أما مقاتل بن سُليمان؛ فهو متهم بالقول بالتجسيم، قال ابن حبان: كان مقاتل يشبه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث كما كان متهمًا في علمه.

وأما محمد بن مروان السدي الصغير؛ فروايته مع رواية الكلبي إن جاءت فهي سلسلة الكذب؛ كما قال الإمام السيوطي وغيره.

فعلى كل حال ما ذكره الإمام ابن جرير وابن كثير والإمام الرازي في تفاسيرهم: أن هذه الروايات منقولة عن هذا الثالوث: الكلبي ومقاتل بن سليمان ومحمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015