والغرائب؛ من أي خشب صنعت؟، وما طولها؟، وما عرضها؟، وما ارتفاعها؟، وكيف كانت طبقاتها؟ وذكروا خرافات في خلقة بعض الحيوانات من الأخرى، وقد بلغ ببعض الرواة أنهم نسبوا بعض هذا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال صاحب (الدر المنثور) وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كانت سفينة نوح - عليه السلام - لها أجنحة، وتحت الأجنحة إيوان" أقول: قبّح الله من نسب هذا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كلام شيخنا الشيخ أبو شهبة.

وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم؛ أولاد سيدنا نوح، وذكر أن طول السفينة كان ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا، وبابها في عرضها.

ثم ذكر عن ابن عباس مثل ذلك في طولها وارتفاعها، وهذا أمارة على أن ذلك من رواية ابن عباس عن أهل الكتاب، وأن من رفعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد غلط، ثم قال -أي: ابن مردويه-: وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر، عن ابن عباس: أن نوحًا لما أمر أن يصنع الفلك، قال: يا رب، وأين الخشب، قال: اغرس الشجر؛ فغرس الساج عشرين سنة، إلى أن قال: فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها وستين ذراعًا في الأرض -يعني: عمقها- وعرضها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون. كلام يتناقض، لا ندري بأي رواية نصدق، أبرواية ابن عباس هذه أم بروايته السابقة؟ وهذا الاضطراب أمارة الاختلاق والكذب ممن وضعوها أولًا، وحملها عنهم ابن عباس وغيره.

وأمر -أي: نوح- أن يطليها بالقار؛ القار والقير وهو الدهان الأسود يُطلى به الخشب والإبل وهو ما يعرف بالزفت أو شيء من هذا المعنى، أُمر أن يطليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015