قال: وهذه الآثار يظهر عليها -والله أعلم- أنها من آثار أهل الكتاب، وبعد أن بين أن أخبار أهل الكتاب على ثلاثة أقسام؛ فمنها ما علمنا صحته مما بأيدينا من كتاب أو سنة، ومنها ما علمنا كذبه لما دل على خلافه من الكتاب والسنة، ومنها ما هو مسكوتٌ عنه فهو المأذون في روايته؛ بقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) وهو الذي لا يصدق ولا يكذب. قال: وهذا الأثر من الثاني - أي: مما علمنا كذبه - أو الثالث فيه نظر؛ والحقيقة كونه من القسم الثالث والذي نقطع به -والله أعلم- أنه من القسم الثاني؛ أي: من الذي سمعناه من بني إسرائيل وعلمنا كذبه؛ لأنه يخالف ما دلت عليه أدلة الكتاب والسنة فهذا من القسم الثاني؛ لقيام الأدلة العقلية والنقلية على عصمة الأنبياء من مثل ذلك.

قال: فأما من حدث به من صحابي أو تابعي؛ فإنه يراه من القسم الثالث؛ أي مما يحتمل الصدق والكذب، وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، رحم الله شيخنا الدكتور أب اشهبة فهذا قول هـ؛ أما نحن فعلى مذهب الحسن البصري في هذا؛ أي: في تفسير الآية، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنّما المراد من ذلك المشركون من ذريته؛ ولهذا قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُون} فذكر آدم وحواء كالتوطئة لما بعدهما من الوا ر دين وهو كالاستطراد من الشخص إلى الجنس؛ هذا تفسير ابن كثير والبغوي في هذا المعنى.

وهذا الذي ذهب إليه هذا الإمام الحافظ الناقد ابن كثير في تخريج الحديث والآثار هو الذي يجب أن يصار إليه، وهو الذي ندين الله عليه، ولا سيما أنّ التفسير الحق للآيتين لا يتوقف على شيء مما روي.

بقي لنا أن نقف على التفسير الصحيح والمرتضى بعد عرض أقوال ابن كثير وشيوخنا ممن جاءوا بعده، والمحققون من المفسرين منهم من نحا منحا العلامة ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015