قال هذا الإمام الشيخ أحمد بن المنير: وهذه حكاية إنما يوردها من يتعسَّف لامتناع الرؤية، فيتخذها عونًا وظهرًا على المعتقد الفاسد والوجه التوركي بالغلط على ناقلها؛ لفظ " التورك "، توريك الرجل ذنبه غيره، كأنه يُلزمه إيَّاه، وورك فلان ذنبه على غيره توريكًا إذا أضافه إليه وقرفه به، وإنه لمورك في هذا الأمر؛ أي: ليس له فيه ذنب؛ يعني: كأنه بهذه العبارة يريد أن يبين أن الإمام الزمخشري يحمل ما يعتقده من المذهب الفاسد على كلام غيره، ويستدل بكلام الآخرين على تقوية مذهبه في منع رؤية الله - جل وعلا.
أما نحن أهل السنة فنحن نؤمن أن الله - جل وعلا - تجوز الرؤي ة في الدنيا، وإن لم تقع أوعلى خلاف هل وقعت لرسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج أو لم تقع فيها خلاف، أما في الآخرة فنحن على يقين أن الله - سبحانه - يُرى في الآخرة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} (القيامة 21، 22) والحديث الصحيح في رؤية الله في الآخرة معروف لنا جميعًا.
نقول كلام الشيخ ابن المنير أن كلام الزمخشري يقول في هذا وما فيه من إهانة موسى الكريم، وفيه طمس في الخطاب وكلام كثير.
ويرحم الله الإمام ال ألوسي حيث قال في ت فسيره معلقًا: ونقل بعض القصاصين أن الملائكة كانت تمر عليه حينئذٍ فيلكزونه بأرجلهم؛ أي: أن الملائكة كانوا يلكزون موسى ويقولون: يا بن النساء الحيض أطمعت في رؤية ربك، وهو كلام ساقط لا يعوّل عليه بوجه، وسبق إيراد هذا الكلام.
يقول الألوسي: فإن الملائكة -عليهم السلام- مما يجب تبرئتهم من إهانة الكريم -عليه السلام- بالوكز بالرجل، والغمس في الخطاب، ونكتفي بهذا فيما يتعلق بقضية سيدنا موسى -عليه السلام- وما يتعلق برؤية ربه.