إن موسى -عليه السلام- قد ورد في القرآن الكريم أكثر من مائة وثلاثين مرة - كما سبق القول - وله مواقف كثيرة، ومشاهد عديدة، وأحوال فيها صراعات مع بني إسرائيل الذين ألفوا الكذب والتكذيب والتعنت، وسبق القول فيما يتعلق بموقف سيدنا موسى من زواج بنات شعيب، وسبق الحديث عن عصا موسى، وعن يده التي خرجت بيضاء للناظرين، وها نحن الآن ننتقل إلى الإسرائيليات التي وردت في سؤال موسى ربه الرؤية.
فمن الإسرائيليات الواردة في هذا الشأن ما يذكره بعض المفسرين عند قوله - جل وعلا -: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (الأعراف: 143)، ذكر الثعلبي والبغوي وغيرهما عن وهب بن منبه وا بن إسحاق قالا: لما سأل موسى ربه الرؤية أرسل الله الضباب، والصواعق، والظلمة، والرعد، والبرق، وأحاطت بالجبل الذي عليه موسى أربعة فراسخ من كل جانب، وأمر الله ملائكة السموات أن يعترضوا على موسى، فمرَّت به ملائكة السماء الدنيا كثيران البقر -ك الثيران؛ هذا من سوء أدب بني إسرائيل في وصفهم للملائكة - كثيران البقر ينبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد.
ثم أمر الله ملائكة السماء الثانية أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه، فهبطوا عليه أمثال الأسود لهم لهج بالتسبيح والتقديس، ففزع العبد الضعيف ابن