دلَّ القرآن الكريم ودلت التوراة ورواية البخاري في ص حيحه على أن الخليل إبراهيم -عليه السلام- أسكن هاجر وابنها عند مكان البيت المحرم، وقد بُني فيما بعد، وقامت مكة بجوار هذا البيت، وقد عبَّرت التوراة بأنهما كانا في برية فاران، وفاران هي مكة كما يعبر عنها العهد القديم، وهذا هو الحق في أن قصة الذبح كان مسرحها بمكة ومنى، وفيها يذبح الحُجاج ذبائحهم اليوم، وقد حرف اليهود النص الأول وجعلوه جبل المريا، وهو الذي تقع عليه مدينة أورشاليم القديمة؛ مدينة القدس الإسلامية اليوم؛ ليتمَّ لهم ما أرادوا فأبى الحق إلا أن يظهر تحريفهم.
وقد ذكر العلامة شيخ الإسلام "ابن تيمية" وتلميذه "ابن كثير" أن في بعض نسخ التوراة لفظ "بكرك" بدل كلمة "وحيدك"، هما نقلوا عبارة وحيدك،"خذ ابنك وحيدك" في بعض الروايات "خذ ابنك بكرك" بدل وحيدك، وهذا أظهر في البطلان وأدل على تحريف كلام اليهود في توراتهم؛ إذ لم يكن إسحاق بكرًا للخليل بنص التوراة.
هيا نؤكد أن الذبيح هو إسماعيل -عليه السلام، فالحق أن الذبيح هو إسماعيل -عليه السلام- وهو الذي يدل عليه ظواهر الآيات القرآنية، والآثار عن الصحابة والتابعين، ومنها ما له حكم الرفع بتقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- له، فلا عجب أن ذهب إليه جمهرة الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأئمة العلم والحديث؛ منهم الصحابة النجباء والسادة العلماء، منهم علي وابن عمر وأبو هريرة، فقد ذكروا أن الفاروق عمر -رضي الله عنه- كان يقول: إنه إسحاق، وأنا استبعد ذلك جدًّا، الإمام الشيخ أبو شهبة يقول: وأنا استبعد ذلك أن عمر يقول: إنه إسحاق، وهو أيقظ من أن يخدع برواية كعب، ولو صح ما نقل عنه؛ لتأثر الابن بأبيه، وكذلك اختلف في علي، فالبغوي على أنه يقول: إسحاق، وابن أبي حاتم على أنه يقول: إسماعيل، تفسير ابن كثير فيه
كثير.