وقد ذكر ابن جرير في تفسيره هذه الرواية وغيرها من الروايات الموقوفة، وكذلك صنع القرطبي في تفسيره، وإذا كان بعض الزنادقة استباحوا لأنفسهم نسبة هذا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فكيف استباح هؤلاء الأئمة ذكر هذه المرويات المختلقة المكذوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم، وهذا الحديث المرفوع، نص الإمام أبو الفرج بن الجوزي في موضوعاته وغيره على أنه موضوع، وأ ذكر أيضًا (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)، ووافقه السيوطي في كتابه (اللآلئ)، فكيف يذكره في تفسيره ولا يعقب عليه، وحُقَّ له أن يكون موضوعًا، فالمعصوم -صلى الله عليه وسلم- أجل من أن يروى عنه مثل هذه الخرافات.
وفي كتب التفسير من هذا الخلط وأحاديث الخرافة شيء كثير، ورَوَوْا في هذا عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعن كعب الأحبار، ولكي تتأكد أن ما رُفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما هي إسرائيليات نُسبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- زورًا وكذبًا، نذكر لك ما روي عن كعب، قال:
"خلق يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف؛ صنف كالأرز، وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى، يأكلون مشائم نسائهم". المشائم طبعًا جمع مشيمة، وهي ما ينزل مع الجنين حين يولد، ومنها يتغذى الجنين في بطن أمه، أشياء عجيبة، وعلى حين نراهم يذكرون م ن هول وعظم خلقهم ما ذكرت الآن وما سمعنا إذ اهم يرون عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران، وأطولهم ثلاثة أشبار، وهم من ولد آدم"، كل هذا كلام متناقض، بل رَوَوا عنه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله وعبادته، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وإبليس"، والعجب أن الإمام