سنة أربعين نشا في خدمة نور الدين الشهيد مع أبيه واخوته وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاته وكان صلاح الدين يعول عليه كثيرا واستنابه بمصر مدة ثم أعطاه حلب المحروسة ثم أخذها منه لولده الظاهر واعطاه الكرك عوضها ثم حران.
قال بعضهم: وكان أقعد الملوك بالملك وملك من بلاد الكرج إلى قرب همدان والجزيرة والشام ومصر والحجاز واليمن وحضرموت وابطل كثيرا من الظلم المكوس وقال أبو المظفر السبط: كان خليقا بالملك حسن التدبير حليما صفوحا مجاهدا عفيفا متصدقا أمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر طهر جميع ولايته من الخمور والمكوس والخواطئ والمظالم وكان الحاصل من ذلك بدمشق خصوصا مئة ألف دينار فأبطل الجميع لله تعالى. وأعانه على ذلك وإليه المعتمد1 ثم ذكر ما نقله في غلاء مصر وبالغ حتى نسبة الذهبي إلى المجازفة وقض أياه مشهورة مع الأفضل والعزيز وآخر الأمر استقل بمملكة الديار المصرية ودخل القاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وملك معها البلاد الشامية والشرقية وصفت له الدنيا ثم ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة، ولما تمهدت البلاد قسمها بين أولاده الكامل والمعظم والأشرف وكان يتردد بينهم وينتقل من مملكة إلى أخرى وكان في الغالب يصيف بالشام ويشتي بمصر وأمر بعمارة قلعة دمشق وألزم كل واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج وقال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: كان أصغر الاخوة واطولهم عمرا وأعفهم ذكرا وأنظرهم في العواقب وأشدهم إمساكا وأحبهم للدرهم وكان فيه حلم وأناة وصبر على الشدائد وكان سعيد الحظ مظفرا بالأعداء وكان أكولا نهما يحب الطعام ويحب اختلاف الألوان وكان أكثر أكله بالليل وبالخل وعندما ينام آخر الليل يصنع له ويأكل رطلا بالدمشقي من خبيص السكر وكان كثير الصلاة ويصوم الخميس وله صدقات في كثير من الأوقات فخاصة عندما تنزل به الآفات وكان كريما على الطعام يحب من