إذاً لك في مجلس العلم والإتيان إلى المسجد فوائد سبع: منها: أن تجد أخاً في الله، وهناك أخوة حصلت وأسر تصاهرت وحصل نسب بين الناس، وهذا بمجرد تعارف الناس مع بعض، وتجد الواحد وجهه منشرح لأخيه ومبتسم، ويأخذه حاضناً له قائلاً: كيف حالك وكيف حال ابنك وبنتك؟ وكيف عيالك وامرأتك وشغلك؟ إذاً يشعر أنه قريب منه.
ولذلك ما نظر مسلم إلى أخيه نظرة رحمة إلا نظر الله إليهما، ومن نظر الله إليه فلن يعذبه أبداً، فينظر إلى أخيه نظرة ليس فيها غل ولا حقد ولا ضغينة، قلبك عليه أبيض، كما روي في الحديث الصحيح: (المؤمن مرآة أخيه)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً).
وقلنا من قبل: أكثروا من الأخلاء الصالحين؛ فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة، اللهم شفعنا في بعض يا رب العالمين.
ومنها أن تجد علماً مستغرقاً أو رحمة مستنزلة؛ ولذلك كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا ذهب الناس لشغلهم يقول للصحابة: تقاربوا، فيقرب الصحابة من بعضهم البعض؛ فإن رحمة الله سوف تهبط عليهم مثل الثوب الذي يتغطى به إذاً: أو رحمة مستنزلة.
الفائدة التي بعدها: أو كلمة تدلك على هدى، أو تمنعك من ردى، أي: من هلاك؛ فإتيانك إلى المسجد يزيد في علمك، ويمنعك من أن تقول للواحد: يا كافر، إلا إذا قال لك: أنا غير مؤمن بوجود الله والعياذ بالله! تقول له: أنت كافر، لكن شخص يقول: لا إله إلا الله كيف تكفره؟ لا يكفر من قال: لا إله إلا الله.
وقال رجل: يا أبا حنيفة! هل سيجمع الله هؤلاء كلهم في مكان واحد؟ قال له: نعم، قال له: هل يقدر على أن يجمعهم في خرم إبرة؟ قال له أبو حنيفة: نعم، فقال: كيف؟ قال له: إما أن يصغر الناس أو يوسع خرم الإبرة! وهذه الفلسفة والجدل صارت سمة وعلامة للمسملين هل يشك أحد في قدرة الله؟! ولذلك قال رجل لـ علي كرم الله وجهه: كيف يحاسب الله الناس على كثرة عددهم؟ قال: كما يرزقهم على كثرة عددهم، أي: سوف يحاسبهم مثلما يرزقهم، وهذه مسألة لا تشغل فكرك بها واشغل فكرك في الذي ينجيك؟ والذي يضيعك؟ كذلك من الفوائد: أو تترك الذنوب خشية أو حياء، فعندما تحضر مجلس العلم ثم تخرج فترى منظراً في الشارع فتغض بصرك مباشرة؛ لأن النظرة سهم من سهام إبليس، فهو يغض بصره ويترك الذنوب خشية أو حياء من الله ومن نفسه ومن الملائكة ومن الناس.