العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى وهي أخطر العلامات وأشد العلامات قسوة، وأشدها على المسلمين، ألا وهي ظهور المسيخ الدجال.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحذر الصحابة من المسيخ الدجال حتى قال عمر: كنت انظر خلفي خشية أن يمر من جواري، فهذا يدل على مدى اقتناع الصحابة بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فرأى عمر مرتبكاً، فقال: (يا ابن الخطاب! فإن ظهر وأنا بينكم فأنا حجيجه، وإن ظهر من بعدي فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مؤمن).
والمسيخ الدجال مخلوق من بني آدم خلقه الله عز وجل، وآخر فتنة تظهر في الأرض هي فتنة المسيخ الدجال، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس المسيخ الدجال أخوفني عليكم، إنما أخاف أن تفتح عليكم الدنيا فينسى بعضكم بعضاً، فينساكم رب السماء عند ذلك)، وهذا قد حصل فقد فتحت الدنيا.
وزكاة الركاز تؤخذ من الركاز وهو المعادن مثل: آبار البترول، فيؤخذ منها عشرون في المائة، أي: الخمس، أما زكاة الذهب والفضة وما يلحقها كالعملات المعدنية فزكاتها ربع العشر أي اثنان ونصف في المائة، وزكاة الزرع فيها خمسة في المائة أو عشرة في المائة أي: فيها العشر أو نصفه، أما زكاة المعادن ففيها عشرون في المائة؛ قال صلى الله عليه وسلم: (أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فينسى بعضكم بعضاً، فينساكم رب السماء عند ذلك).
فالله عز وجل جعل قوت الفقير في فضل مال الغني، فما جاع فقير إلا بتخمة غني، فالفقير الذي لم يجد ما يأكل يبقى الغني أكل أكثر من حقه.
قال أبو ذر أتعجب من الفقراء الذين لم يجدوا ما يأكلون لماذا لم يخرجوا السيوف فيطالبون الأغنياء بحق الله عندهم؟ قال ربنا: {وفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:19].
والصحابة كانوا واضعين في آخر عمودين في المسجد النبوي الشريف حبلاً، فيعلق فيه الغني زكاة مال أو الصدقة فتذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتوزع في مصارفها.
وفتنة المسيخ الدجال آخر فتنة تظهر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أوصاف المسيخ الدجال أنه جعد قطط، أي: شعره مجعد، وعينه اليسرى كالعنبة الطافية، فهو أعور، وهو آدم بحمرة، أي: أسمر بحمرة، قليل الطول له بحة في صوته، أي: أنه مبحوح الصوت مثل الذي عنده سعلة ويتكلم فكذا صوته.
وكل هذه العلامات لا تظهر إلا للمؤمن، أما الذي لا يصلي ولا يصوم ولا يتقي الله فلا يعرف هذه العلامات.
ومن العلامات أيضاً أن المؤمن يقرأ على جبهته كلمة كافر، والرسول صلى الله عليه وسلم فسر ذلك فقال: (يقرأ المؤمن على جبهته كفر ك ف ر).
والمؤمن يتغلب على المسيخ الدجال بالمداومة على قراءة فواتح سورة الكهف وخواتيمها في كل ليلة قبل أن ينام.
ومن العلامات أيضاً أنه يمكث في الأرض أربعين يوماً، وسرعته في الأرض كالريح المرسلة، ويدخل كل بلد وفي كل مكان ما عدا ثلاثة أماكن وهي: بيت المقدس، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، فإنه يأتي إلى حدودها ويحاول أن يدخلها قال صلى الله عليه وسلم: (إن على أبواب المدينة ملائكة يحفظونها من شياطين الإنس والجن)، فليس هنالك شياطين تدخل المدينة المنورة.
فتخرج المدينة المنافقين الذين يعيشون فيها لكي يتبعوا المسيخ الدجال، قال صلى الله عليه وسلم: (فتنفي المدينة خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد).
أما أتباعه فهم كما أخبر رسول الله بقوله: (أتباعه ثلاثة أصناف: اليهود، والمنافقون، والنساء)، وعدد اليهود سبعون ألفاً من يهود أصفهان من ناحية إيران.
ويخرج المسيخ الدجال ما بين العراق والشام، ويعيث في الأرض فساداً، وقد أعطاه الله من الإمكانيات ومن الخوارق للعادات ما ينبهر بها ضعفاء الإيمان.
والمسيخ الدجال أكثر أتباعه من اليهود والمنافقين والنساء؛ لأنهم أتباع كل موضة، فمنذ أربعين سنة والرجل اليهودي بيكر صاحب الموضة في الملابس النسائية.
أما المؤمنات اللاتي يحضرن دروس العلم واللاتي يعرفن أوامر الله ونواهيه فلا يخرجن فيتبعن المسيخ الدجال.
وأول ما يخرج المسيخ الدجال فإنه يدعي الإيمان ثم يدعي النبوة ثم يدعي الألوهية، ولا يقول لهم إنه الله رب العالمين وإنما يقول: معي جنة ونار، فيعرفه المؤمن فيقول: اخسأ يا لعين! والله ما ازددت بك إلا كفراً وأنت المسيخ الدجال الذي حذرنا الرسول منه.
وسيأتي على الناس خمس سنوات فيها قحط أي: كساد عالمي فيقول للسماء: أمطري فتمطر، ويقول للأرض: أنبتي الزرع فيطلع الزرع، ويا ضروع البهائم امتلئي فتمتلئ لبناً، فهذه فتنة عظيمة، ولذلك فإن الصحابة خافوا وسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن طعام المؤمنين حينئذ، فقال: (طعام المؤمنين يومئذ كطعام الملائكة)، والملائكة لا يأكلون ويشربون، وإنما طعامهم التسبيح، والتهليل، والتقديس، والتكبير، فالمؤمن يقول: سبحان الله فيشبع، والحمد لله فيشرب، ولا إله إلا الله فيرتوي.
فإذا كان طعام رواد الفضاء كبسولات فيها جميع أنواع الفيتامينات والعناصر التي يحتاجها الجسم وأقل كمية إخراج.
فمن باب أولى ما يصنعه رب العالمين للمؤمنين، فالله على كل شيء قدير.
ويأتي إليه شاب مؤمن فيكذبه فيضربه الدجال بسيفه فيتخيل المحيطون به أنه انقسم إلى نصفين وإنما هو سحر، ثم يرجعه مرة أخرى، فيقول الشاب المؤمن: والله! ما ازددت بك إلا كفراً، فإن ربي الله لا تراه العينان، قال تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:103].
وعندما يزداد الابتلاء على المؤمنين يستغيثون الله ويدعونه أن يرفع عنهم هذا البلاء، فيستجيب الله دعاءهم ويرحمهم فينزل المسيح عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في مهرودتين أي: ثوبين، أو جلابية وعباءة، أو جلابيتين، أو قميص وعباءة، إذا طأطأ وتتقاطر من جبينه حبات عرق كالجمان أي كالفضة، وإذا رفع رأسه علاه البهاء عليه السلام، أي: أن وجهه منور، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، فـ المسيخ الدجال يقتله سيدنا عيسى عند باب لد في فلسطين.
وفي هذا إشارة أن إسرائيل ستزول إن شاء الله وبإذن الله فلا تطبيع علاقات معهم، فنحن أعداء اليهود وسنظل أعداء اليهود إلى أن تقوم الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من طليعة الزحف الذي يحرر بيت المقدس ويعاد إلى المسلمين إن شاء الله رب العالمين.
فيلقى المسيح عليه السلام المسيخ الدجال على باب لد فيذوب المسيخ الدجال كما يذوب الملح في الماء، ثم يدخل عيسى ابن مريم مساجد المسلمين ويطمئن المؤمنين على إيمانهم ويتفاءل المسلمون بوجود المسيح بينهم حتى إذا أقيمت الصلاة في مسجد من المساجد يقول الإمام للمسيح: تقدم يا نبي الله! فيقول: بل تقدم أنت فأنا تبع لأخي محمد، فالإمام يمثل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسيح عليه السلام يصلي مأموماً تواضعاً منه.
وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة بالمسلمين، أي: صلاة الصبح- وقال: ليلزم كل مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم) أي: الله ورسوله أعلم في قصد أمور الدين، أما في أمور الدنيا فيقول المسلم: الله أعلم فقط.
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة -أي: ما جمعتكم لرغبة في الجنة ولا لرهبة من النار- ولكن جمعتكم؛ لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع فأسلم وحدثني حديثاً وافق الذي كنتم أحدثكم عن مسيح الدجال، فحدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من قومه، فلعب بهم الموج شهراً -أي: تاهوا في البحر لمدة شهر- ثم أرفوا إلى جزيرة -يعني: رسوا على الشاطئ- حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة، ثم دخلوا فلقيتهم دابة كبيرة كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره- يعني: لا يعرفون وجهه من ذيله -واسم الحيوان يجوز أن يؤنث ويذكر- فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطاناً -أي: خفنا أن تكون من الشياطين؛ لأن العرب كانوا مقتنعين أن هنالك شياطين وغولة- قال: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه خلقاً وأشده وثاقاً -يعني: أنه مقيد بسلاسل من حديد ومربوط لجدار الكهف- مجموعة يداه إلى عنقه -أي: أنه مكتف ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد- قلنا: ويلك من أنت؟! قال: قد وصلتم إلي فأخبروني من أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا سفينة بحرية فصادفنا البحر حين هيجانه، فلعب بنا الموج شهراً، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فلقينا دابة أهدب الشعر لا يدري قبلها من دبرها من كثرة الشعر فقلنا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، قلنا: وما الجساسة؟ قال: اعمدوا إلى هذا الرجل في هذا الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً، وفزعنا منها، ولم نأمن من أن تكون شيطانة، قال: أخبروني عن نخل بيسان في شمال جزيرة العرب؟ قلنا: عن أي شيء تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا نعم، قال: أما إنه يوشك ألا يثمر، أخبروني عن بحيرة طبرية؟ -وهي في فلسطين- قلنا: عن أي شيء تستخبر؟ قال: هل ما زال فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء، وماؤها عذب، قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب).
وقد ذكرت في سنة خمسة وسبعين أنه جاءني أحد الإخوة بصورة