- لِلنَّاسِ إفْرَادَ الْحَجِّ وَأَنْ يَعْتَمِرُوا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَا يَزَالُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ مَعْمُورًا بِالْحُجَّاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّاسَ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ بَاعُوهُنَّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَرْضَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ إلْزَامُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهُ بِفَمٍ وَاحِدٍ عُقُوبَةً لَهُ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إمَارَتِهِ هُوَ يُجْعَلُ وَاحِدَةً، إلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ السِّيَاسَاتِ الْعَادِلَةِ الَّتِي سَاسُوا بِهَا الْأُمَّةَ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا.] (?)
وقال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: [وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ إذَا وُجِدَتْ حُبْلَى وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ وَلَمْ تَدَعْ شُبْهَةً فِي الْحَبَلِ. فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. قِيلَ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَبِلَتْ مُكْرَهَةً أَوْ بِتَحَمُّلِ. أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ. وَقِيلَ: بَلْ تُحَدُّ وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَإِنَّ الِاحْتِمَالَاتِ النَّادِرُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا كَاحْتِمَالِ كَذِبِهَا وَكَذِبِ الشُّهُودِ.] (?)
وقال أيضاً: [وَمِنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَّبِعُونَ مَا خَطَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ قَالَ: الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ زَنَى مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذَا أُحْصِنَّ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ. كَذَلِكَ يَحُدُّونَ فِي الْخَمْرِ بِمَا إذَا وُجِدَ سكرانا أَوْ تَقَيَّأَ؛ أَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ الرَّائِحَةُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَوْنَ الْحَدَّ إلَّا بِإِقْرَارِ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْفِعْلِ وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوَّلَ أَشْبَهُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَهُوَ حِفْظٌ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِحِفْظِهَا وَالشُّبْهَةُ فِي هَذَا كَالشُّبْهَةِ فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَالْخَطَأَ.] (?)