فَيُقَالُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -:إنَّ هَذَا مِثْلُ إقَامَةِ الْحَدِّ بِاللَّوْثِ الظَّاهِرِ الْقَوِيِّ، فَإِنَّهُ أُدْرِكَ وَهُوَ يَشْتَدُّ هَارِبًا بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ؛ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُغِيثًا لَهَا، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُوَ هَذَا، وَهَذَا لَوْثٌ ظَاهِرٌ.

وَقَدْ أَقَامَ الصَّحَابَةُ حَدَّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ بِاللَّوْثِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ هَذَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ؛ وَهُوَ الْحَمْلُ، وَالرَّائِحَةُ وَجَوَّزَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى عَيْنِ الْقَاتِلِ - وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ - لِلَوْثٍ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِمْ. فَلَمَّا انْكَشَفَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ: أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَحُكِمَ بِرَجْمِهِ، فَإِذَا هِيَ عَذْرَاءُ؛ أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ عَنْهُ، وَلَوْ حُكِمَ بِهِ، فَهَذَا مَا ظَهَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْأَحَادِيثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.] (?)

الدليل الثاني: القتل بالقسامة، وهي: [أيمان مكررة يحلفها وليُّ الدم عند وجود قتيل في محلة لم يعرف قاتله وبينه وبينهم لوث] (?)

فعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ وَاللَّهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ، وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ»،فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكُتِبَ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: «أَتَحْلِفُونَ، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟»،قَالُوا: لاَ، قَالَ: «أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟»،قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ، قَالَ سَهْلٌ: فَرَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ"يهود بخمسين يمينا قالوا: كيف بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده] متفق عليه. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015