عظم-:وليس ارتكاب الزنى ولا أكل الربا ولا عقوق الوالدين (بكفرٍ بينٍ)،إذ التكفير بمجرد ارتكابها لا هو قطعي ولا محتمل بل منفيٌ انتفاءً تاماً، وهي وشاكلاتها مجلبة المعركة بين أهل السنة والخوراج، فلما قال الإمام الشافعي في التجسس ما قال علِمنا أن هذا الفعل -عنده- تارةً يُكفّر به وتارة لا، ولهذا قال في قصة حاطب: [فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ مَا وَصَفْنَا لَك طَرْحُ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الظُّنُونِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ حَاطِبٌ كَمَا قَالَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ شَاكًّا فِي الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ فَعَلَهُ لِيَمْنَعَ أَهْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَلَّةً لَا رَغْبَةً عَنْ الْإِسْلَامِ وَاحْتَمَلَ الْمَعْنَى الْأَقْبَحَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا اُحْتُمِلَ فِعْلُهُ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ وَلَا أَحَدٌ أَتَى فِي مِثْلِ هَذَا أَعْظَمُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُبَايِنٌ فِي عَظَمَتِهِ لِجَمِيعِ الْآدَمِيِّينَ بَعْدَهُ فَإِذَا كَانَ مَنْ خَابَرَ الْمُشْرِكِينَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غِرَّتَهُمْ فَصَدَّقَهُ مَا عَابَ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ فَيَكُونُ لِذَلِكَ مَقْبُولًا كَانَ مِنْ بَعْدِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ حَالِهِ وَأَوْلَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ مِثْلَ مَا قَبِلَ مِنْهُ] (?)

فقول الإمام الشافعي: واحتمل المعنى الأقبح، يعني به الكفر، فما فعله حاطب رضي الله عنه -عند الشافعي- محتملٌ للكفر، وهذا من أقوى الأدلة على أن جنس هذا الفعل (أي التجسس) هو من المكفرات، وليس كسائر الموبقات، وإلا فالاحتمالات التي ذكرها الشافعي لا يمكن إجراؤها في شيء من الكبائر مهما تكاثرت وتعاظمت.

ويُشبه هذا ما قاله الإمام محمد بن الحسن الشيباني وبينه الإمام السرخسي حيث قال: [وَإِذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ عَيْنًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَكْتُبُ إلَيْهِمْ بِعَوْرَاتِهِمْ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ طَوْعًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَ يُوجِعُهُ عُقُوبَةً وَقَدْ أَشَارَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي كَلَامِهِ إلَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا حَقِيقَةً، فَإِنَّهُ قَالَ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، وَقَالَ: يَوْجَعُ عُقُوبَةً وَلَمْ يَقُلْ: يُعَزَّرُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ التَّعْزِيرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015