يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ، فَلَا نُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ فِي الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ] (?)
فتلبس هذا المدعي للإسلام (بالإعانة للمشركين على المسلمين) هو الذي جعله (لا يكون مسلماً حقيقة) ومعنى ذلك أنه كافرٌ، كما زاد الأمر إيضاحاً بقوله: وإنما يستعمل هذا اللفظ (يوجع عقوبة) في حق غير المسلمين، ثم استدرك بقوله: إلا أنه قال لا يقتل، فكأنه جواب عن سؤال متبادرٌ ضرورةً، وهو: إذا لم يكن هذا المدعي للإسلام مسلماً حقيقة، وقد أقر بإعانته طوعاً فالواجب إذاً قتله كغيره من المرتدين، لأن حكم مثله في الشرع هو القتل؟! فأجاب بما أجاب.
فليس في قول هذين الإمامين ما ينقض الإجماع المنقول في كفر المظاهر للكفار على المسلمين كما هو واضحٌ من كلامهم، وإنما استثنوه من حكم القتل إما لعدم القطع بقيام معنى المظاهرة في فعله كما يفهم من كلام الإمام الشافعي -رحمه الله- أو للتعليلات التي أشار إليها الإمام السرخسي-سواء سُلِم بها أم لا-.
وقريبٌ منه قول أصبغ: [الجاسوس الْحَرْبِيّ يقتل وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ يعاقبان إِلَّا أَن يظاهرا على الْإِسْلَام فيقتلان] (?)
خامساً: أما عن جواب الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى- فقد تضمن ذكر ثلاث صور للتجسس وأعطاها كلها حكماً واحداً ووصفها بأنها (ليست بكفر بين).
فالصورة الأولى: هي الدلالة على عورة (مسلم) -وليس عورات (المسلمين) - فهذا لا شك أنه محتمل، فقد تحمل العصبية الجاهلية أو العداوة الشخصية أو الحسد المجرد على أن يدل المسلم كافراً على عورة مسلمٍ بعينه، يفعل ذلك تشفياً وانتقاماً، وفي مثل هذا لا شك أنه ليس صريحاً في الكفر، وهو يقع كثيراً من الظلمة والفسقة والمجرمين.
الصورة الثانية: التي ذكرها الإمام الشافعي هي تأييد كافر بأن يُحَذَّر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها، وهذه الصورة هي قريبة مما فعله حاطب رضي الله تعالى عنه إن لم تكن