بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ " (?)
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ خَفَضَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ، فَقَالَ:" أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَمَالَأَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَا أَنَا مِنْهُ. وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُمَالِئْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، أَلَا وَإِنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ كَفَّارَتُهُ، أَلَا وَإِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ هُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " (?)
ثانياً: أن سؤاله تضمن صورتين:
الأولى: المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بأن المسلمين يريدون غزوهم، وهذا هو ما فعله حاطب في الجملة وإن كانت قرائن الحال وروافده تدل على أن المقصد الأول هو تحصيل مصلحة أبنائه عن طريق انتفاع المشركين بمعرفة ما أخبرهم به، وهذه قد يقال بأن صورة المظاهرة فيها والممالأة ليست قاطعة ومن ثَم فليست هي بالكفر البيّن، وإن كانت محتملة له، كما مر بيانه في قصة حاطب رضي الله عنه.
الثانية: أن يكتب المسلم للمشركين بالعورة من عورات المسلمين، وهذه لا شك أنها ممالأة ومعاونة لهم إن كان المقصود بالعورة مواطن الغرة ومكامن الضعف التي يطلبها الكفرة للانقضاض على الإسلام وأهله، مع التنبيه أن بعض العلماء قد بوب على ما فعله حاطب بأنه دلالة على عورات المسلمين، كما قال الإمام البيهقي -رحمه الله-: [بَابُ الْمُسْلِمِ يَدُلُّ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ] ثم ذكر تحته قصة حاطب (?)،مع أن القول بأن ما فعله حاطب رضي الله تعالى عنه هو دلالة للمشركين على عورة المسلمين لا يخلو من نوع تجوز وتوسع ومسامحة، ولهذا فيمكن أن يقال إن العورة التي أرادها السائل للإمام الشافعي