هذا وللإمام الشافعي كلامٌ في قصة حاطب رضي الله عنه يُفهِم أن التجسس على المسلمين لا يكون بحالٍ كفراً بيناً، وهو مشكلٌ بلا شك، فقد سُئل -رحمه الله-: [أَرَأَيْت الْمُسْلِمَ يَكْتُبُ إلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُونَ غَزْوَهُمْ أَوْ بِالْعَوْرَةِ مِنْ عَوْرَاتِهِمْ هَلْ يُحِلُّ ذَلِكَ دَمَهُ وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى مُمَالَأَةِ الْمُشْرِكِينَ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -):لَا يَحِلُّ دَمُ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَزْنِيَ بَعْدَ إحْصَانٍ أَوْ يَكْفُرَ كُفْرًا بَيِّنًا بَعْدَ إيمَانٍ ثُمَّ يَثْبُتُ عَلَى الْكُفْرِ وَلَيْسَ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ مُسْلِمٍ وَلَا تَأْيِيدُ كَافِرٍ بِأَنْ يُحَذِّرَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُونَ مِنْهُ غِرَّة لِيُحَذَّرَهَا أَوْ يَتَقَدَّمَ فِي نِكَايَةِ الْمُسْلِمِينَ بِكُفْرٍ بَيِّنٍ] (?)

فأولاً: سؤال السائل يدل على أن المتقرر عنده أن ممالأة الكفار على المسلمين هي مما يحل به دم المسلم، وهي غاية لو وصلها فعله لصار بها مباح الدم، فكان جزءاً من سؤاله منصباً على ما إذا كانت كتابة المسلم للمشركين تحذيراً لهم، أو دلالة على عورة من عورات المسلمين، يدخل في معنى الممالاة أم لا، وعلى هذا فلو حُكم بأنها داخلة في معناها فهي مما يُحل دمه لأنها مخرجة له من الإسلام، فالممالأة معناها في اللغة المساعدة والمشايعة والمعاونة كما قال العلامة الزبيدي -رحمه الله-: [ومَلأَه على الأَمرِ كمَنَعَه ليس بمشهور عند اللغويين: ساعَدَه وشايَعَه أَي أَعانَهُ وقوَّاه كَمَالأَهُ عليه مُمَالأَةً. وتَمَالَئُوا عليه أَي اجْتَمَعوا] (?)

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ إِنْسَانًا قُتِلَ بِصَنْعَاءَ، وَأَنَّ عُمَرَ قَتَلَ بِهِ سَبْعَةَ نَفَرٍ، وَقَالَ: لَوْ تَمَالاَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا. (?)

وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَوْ دَخَلَ، وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ:" إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015