وأما القسم الثاني: من أقسام الضرر الواقع على المسلمين فهو ما يتعلق بكل عملية عسكرية على حدة، والتي تدخل في مجمل العمل الجهادي العام وتعتبر فرداً من أفراده وجزئية من جزئياته.
وذلك يتطلب أموراً كثيرة؛ في تقدير الضرر، ومدى قوة تحققه من ضرب هذا الهدف على التعيين، وعن إمكانية إزالته بهذه الطريقة المعينة وانحصارها فيها، بحيث لا يتأتى التوصل إلى ذلك الهدف إلا بتلك الكيفية المحددة، وفي هذا تتعدد أوجه النظر وتختلف الاجتهادات.
ولهذا فلا يكفي - فيما يظهر والله أعلم - التعليل بخوف الضرر العام الشامل الواقع من احتلال الكفار لبلدان المسلمين، واعتبار حالات وجود أفراد الاحتلال جميعها بين المسلمين هي من قبيل مسألة التترس التي ذكرها الفقهاء، بل لا بد من النظر في كل حالة بعينها، وحصر المصالح المتوخاة من ورائها، ومعرفة مدى الأضرار الحقيقة التي يراد إزالتها من ضرب الهدف العسكري المقصود في تلك العملية، وذلك مع استحضار الضوابط والقيود التي ذكرها الفقهاء.
قال الدكتور محمد خير هيكل: (المراد بحالة الضرورة التي تدعو إلى القتال؛ جرى التعبير في المراجع الفقهية عن حالة الضرورة، هذه بعدة صور منها؛ أن يهجم العدو على المسلمين، وأن يكون المسلمون في حالة التحام مع العدو في القتال، وأن يترتب على عدم القتال ما يخشى منه على المسلمين من الإحاطة بهم أو استئصالهم أو هزيمتهم أو كثرة في قتلاهم أو أي ضرر يلحق بهم، والذي أراه هنا أن حالة الضرورة التي