فِيهَا غَنِيمَةً إلَّا خَمَسَهُ وَقَسَمَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْفِلَ، مِنْ ذَلِكَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهَوَازِنَ، وَخَيْبَرَ. وَلِأَنَّ كُلَّ دَارٍ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فِيهَا جَازَتْ، كَدَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ، فَصَحَّتْ قِسْمَتُهَا، كَمَا لَوْ أُحْرِزَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ .. (?)

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ إِلاَّ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، لأَِنَّ الْمِلْكَ لاَ يَتِمُّ عَلَيْهَا إِلاَّ بِالاِسْتِيلاَءِ التَّامِّ، وَلاَ يَحْصُل إِلاَّ بِإِحْرَازِهَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، لأَِنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ الْحَقِّ الْقَهْرُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، لأَِنَّهُمْ قَاهِرُونَ يَدًا مَقْهُورُونَ دَارًا، فَلاَ يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنَائِمَ - وَمِنْهَا الأَْسْرَى - أَوْ يَبِيعَهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، خَشْيَةَ تَقْلِيل الرَّغْبَةِ فِي لُحُوقِ الْمَدَدِ بِالْجَيْشِ، وَتَعَرُّضِ الْمُسْلِمِينَ لِوُقُوعِ الدَّبَرَةِ عَلَيْهِمْ، بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَمْل نَصِيبِهِ. وَمَعَ هَذَا فَقَالُوا: وَإِنْ قَسَمَ الإِْمَامُ الْغَنَائِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ، لأَِنَّهُ أَمْضَى فَصْلاً مُخْتَلَفًا فِيهِ بِالاِجْتِهَادِ. (?) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «أَبْشِرْ» فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الغَضْبَانِ، فَقَالَ: «رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا» قَالاَ: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا».فَأَخَذَا القَدَحَ فَفَعَلاَ، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلاَ لِأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً". (?)

تَأْمِينُ الأَْسِيرِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015