قَالَ مُجَاهِدٌ فِي أَمِيرَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا يَقْتُلُ الْأَسْرَى: وَهُوَ أَفْضَلُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: الْإِثْخَانُ أَحَبُّ إلَيَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا يَطْمَعُ بِهِ فِي الْكَثِيرِ." (?)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" إن الإمام إذا خُيّر في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء فعليه أن يختار الأصلح للمسلمين، ثم قد يُصيب ذلك الأصلح للمسلمين، فيكون مصيبًا في اجتهاده حاكمًا بحكم الله، ويكون له أجران، وقد لا يُصيبه، فيثاب على استفراغ وُسعِه، ولا يأثم بعجزه عن معرفة المصلحة. كالذي ينزل أهل حصنٍ على حكمه، كما نزل بنو قريظة على حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -،فلما سأله فيهم بنو عبد الأشهل قال:"ألا تَرضَون أن أجعل الأمرَ إلى سيدكم سعد بن معاذ؟! فرَضُوا بذلك، وطمع من كان يحب استبقاءَهم أن سعدًا يُحابيهم، لما كان بينه وبينهم في الجاهلية من الموالاة. فلما أتى سعا حكمَ فيهم أن تُقتَل مقاتلتُهم، وتُسبَى ذراريهم، وتُغنَم أموالُهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات".وهذا يقتضي أنه لو حكم بغير ذلك لم يكن ذلك حكمًا لله في نفس الأمر، وإن كان لابدَّ من إنفاذه.

ومثل هذا ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث بُريدة المشهور، قال فيه:"وإذا حاصرتَ أهلَ حصنٍ فسألوك أن تُنزِلَهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله فيهم، ولكن أَنزِلْهم على حكمك وحكم أصحابك".

ولهذا قال الفقهاء: إنه إذا حاصرَ الإمامُ حصنًا، فنزلوا على حكم حاكمٍ، جاز إذا كان رجلاً مسلمًا حرًّا عدلاً، من أهل الاجتهاد في أمر الجهاد، ولا يحكم إلا بما فيه حظٌّ للإسلام من قتلٍ أو رِقّ أو فداء." (?)

وقال ابن القيم:"كَانَ يَمُنُّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَيَقْتُلُ بَعْضَهُمْ، وَيُفَادِي بَعْضَهُمْ بِالْمَالِ، وَبَعْضَهُمْ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ" (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015