فضله، وكيف يسوغ له أن يكتب ما تعلم والله تعالى يقول: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (آل عمران: 187)، وقال متوعدًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة: 159).
وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمر بالتبليغ يقول: ((ليبلغ الشاهد منكم الغائب)) وكان يحذر من كتمان العلم فيقول: ((من سأل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار)).
ومن أهم الصفات التي يجب على الخطيب أن يتحلى بها: الصبر، فالصبر في مقام الدعوة إلى الله تعالى مهم جدًّا للداعية الخطيب، ولقد قرن الله -تبارك وتعالى- الأمر بالصبر بالأمر بالدعوى لنبيه -عليه الصلاة والسلام- حين كلفه لأول مرة بالدعوة قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (المدثر: 1 - 7)، ونهى الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن الاستعجال فقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} (الأحقاف: 35).
ولا يختص الصبر بعدم استعجال الفائدة بل الصبر على الأذى الذي قد يبتلى به الخطيب، فإن الله تعالى قال على سبيل المدح حاكيًا عن لقمان الحكيم وهو يقول لأبنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان: 17)، يعني إذا كملت نفسك بعبادة الله فكمل غيرك واصبر على ما ينزل بك من الشدائد والمحن، لا سيما فيما أمرت به؛ إذ كل ما ذكر مما عزمه الله وقطعه وأوجبه على عباده من الأمور، ومع هذا فهي من مكارم أهل الأخلاق الفاضلة وعزائم أهل الحزم السالكين طريق