تاريخ علم الخطابة ونشأتها

الخطابة قديمة العهد والاستعداد لها مخلوق مع الإنسان، إذ لا غنى للإنسان عن الإبانة والتعبير لغيره عما يدور في خلده وضميره من معانٍ وأفكار، وعن إقناعه بصدق مقاله وسداد رأيه. وقد كان للأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- في الخطابة الحظ الأوفى والمقام الأعلى، فكل واحد منهم -عليهم الصلاة والسلام- كان داعية خطيبًا إلى توحيد الله تعالى وطاعته وتقواه، وإرشاد الناس إلى طريق الخير وطريق الشر، بحيث من سار في طريق الخير سعد ونجى، ومن سار في طريق الشر هلك وشقى، كما قال رب العالمين سبحانه: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه: 123، 124).

وهكذا كان كل نبي من لدن آدم إلى محمد -صلى الله عليهم وسلم- كانوا أجمعون يقومون في أقوامهم دعاة خطباء، يدلونهم على الله وما يقربهم منه ويوصلهم إلى طاعته، ويبينون لهم الثمرات الطيبة التي تنعكس عليهم من جراء التوحيد والطاعة في الدنيا والآخرة، كما يبينون لهم الآثار السيئة والعواقب الوخيمة -التي تنتظرهم وتحل بساحتهم- إن أقاموا على التكذيب والجحود والكفران، وأصروا على التمرد والعصيان، كما أخبر الله -عز وجل- عنهم في كتابه الكريم، وأطلعنا على ذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم.

وقد بقي من آثار الخطابة على طول الأمد خطب التوراة التي قام بها الأنبياء -عليهم السلام- إلى بني إسرائيل؛ ليحملوهم على الاستقامة ويردوهم عن الشر والغواية. وأول من كتب في هذا العلم اليونان، بل هم مستنبطو قواعده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015