ثالثًا: أن تكون شائقة تجذب السامعين إلى الموضوع، جديدة غير مبتذلة أو مشاعة، صالحة لكل خطبة. جاء في تعريف ابن المقفع للبلاغة: "وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك، كما أن خير أبيات الشعر البيت الذي إذا سمعت صدره عرفت قافيته". وعلق الجاحظ بقوله: "كأنه يقول: فرق بين صدر خطبة النكاح وبين صدر خطبة العيد وخطبة الصلح وخطبة التواهب، حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه، فإنه لا خير في كلام لا يدل على معناه، ولا يشير إلى مغزاه، وإلى العمود الذي إليه قصدت، والغرض الذي إليه نزعت".
ثانيًا: العرض أو الموضوع: وهذا هو الجزء الذي يلي المقدمة مباشرة، وهو يشمل الفكرة أو المبدأ الذي يدعو إليه الخطيب ويشرحه شرحًا وافيًا بإيضاح، مع التدليل عليه وتأكيده بكافة البراهين النقلية والعقلية التي يستطيعها خطيب، ودفعه ما يمكن أن يوجه إلى هذه الفكرة أو المبدأ من انتقادات وطعون. وتتمثل أهمية هذا الجزء في أنه أساس الخطبة أو عمودها الفقري أو كيانها وصلبها، فالأجزاء الأخرى يمكن الاستغناء عنها أحيانًا، أما هذا الجزء فهو الخطبة نفسها وما عداه من أجزاء فهو من أجله، ولخدمته تمهيدًا وانتهاء، ومهمتها هي إنجاح وتثبيت آثاره. ويشترط لجودة ونجاح الموضوع عدة شروط من أهمها:
أولًا: الوحدة العضوية أو الموضوعية؛ بأن يدور الكلام في الخطبة كلها حول فكرة واحدة، ويحللها تحليلًا دقيقا ويؤكدها تأكيدًا قويًّا تدليلًا وتفنيدًا.