ولكن على الخطيب حتى يتعود على الارتجال عليه أن يتربى بسماع الخطباء المرتجلين الممتازين؛ لأن السماع يحفز من عنده استعداد الكلام إليه، ولأن فكر البشر يتغذى بالتقليد والمحاكاة، وبأن يأخذ نفسه من وقت لآخر بالكلام مرتجلًا، ويغشى الجماعات ويتقدم إلى القول؛ ليفك عقدة لسانه ويزيل حبسة الحياء. ومن أمثل الطرق أن يجتهد في أن لا يخطب من ورق، وأن يعرف ملخص ما يقول بعد تحضيره، فإذا دأب على ذلك واتته فطرة قوية واستعداد قويم على القول على البديهة، من غير تحضير عند الاقتضاء. وعلى مريد الخطابة أن يستنصح رفيقا له يدله على عيوبه، كما أن عليه أن يراقب نفسه مراقبة تامة، ويأخذ نفسه بالإصلاح، ولا يترك عادة لا تستحسن تثبت وتنمو، وعليه أن لا يتقيد بعبارات خاصة، ولا أثار سخرية الناس وما التمكين خصومه من العبث بسمعته البيانية.
هذا، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.