وخَشْيَة أنْ يَتأثر موسى -عليه السلام- بِمَا كَانَ عَليه فِرْعَون من الكفر الشديد، والظلم الكبير والعناد والخُبث، ذكره الله تعالى بأن لا يتجاوز الأسلوب الحسن في خطابه، وأن لا يلتفت إلى سوابق فرعون من كفر وظلم، وإلى تصرفاته السابقة من بطش وإجرام، ويظهر هذا في قول ربنا -عز وجل- مخاطبًا موسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام-: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: 43 - 44) ويظهر كذلك في المحاورة التي جرت بين موسى وفرعون مما ذكره الله -عز وجل- في القرآن الكريم في أكثر من موضع.
فإذا كان الأسلوب الحسن واجبًا في أحق أكثر الكافرين، وأضَل الضالين؛ فكيف بمؤمن مخطئ أو مسلم منحرف؟!
لذلك كان من الأمور التي يجب على الداعية أن يلتزمها في دعوته طاعة لله ومصلحة لدعوته، حسن الأسلوب وثباته على هذا في كُلّ زمان ومكان، ومع كل مدعو ومدعوين، بما النظر إلى ما عليه المدعو من الأحوال الإيمانية والعدوانية والخُلقية، ومهما تصرف من تصرف حيال الدعوة أو الداعي؛ لأنّ حسن الأسلوب أمر شرعي مفروض على الداعية لا يتغير بتغير حال المدعو وتصرفاته، فلا يجوز في الدعوة إلا رفقًا بالأفعال ورقة في التعبير وعطفًا في التصرف.
القاعدة الثانية: الرِّفْقُ واللين والتّيسير لا القساوة والغلظة والتعسير.
إن من أعظم مُميزات الأسلوب الحسن ومعالمه هو الرفق في المعاملة والكلمات الطيبة، والعِبَارَاتُ اللّينَة والبَشاشَةُ حين اللقاء، والبُعد عن الجفاء، والتجافي عن الفظاظة، والترفع عن الرد.