وقد تأتي السنة النبوية مقيدةً لما جاء مطلقًا في القرآن الكريم؛ فمثلًا: يقول الله تعالى:} وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {(الحج: 29) فالأمر بالطواف هنا مطلق، فجاءت السنة النبوية فقيدت ذلك بوجوب أن يكون الطواف على طهارة.

وقد تأتي السنة النبوية مخصصةً لما جاء عامًّا في القرآن الكريم؛ فمثلًا: يقول الله تعالى:} يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {(النساء: 11) أي: أن الأولاد يرثون الآباء بهذه الطريقة التي بينها الله تعالى بهذا الحكم العام، فجاءت السنة النبوية فخصصت هذا الحكم العام بأن قصرت الميراثَ على الشخص الذي لم يعتدِ على مورثه بالقتل، وبينت أنه لا ميراث لقاتل.

وهكذا، نرى أن للسنة النبوية وظائفَ متعددةً بالنسبة للقرآن الكريم، وأن تفصيل ما جاء مجملًا في القرآن يمثل معظم هذه الوظائف، وأن مَن يقول: لسنا في حاجة إلى السنة النبوية ويكفينا القرآن!! هو إنسان جاهل، لا يُلتفت إلى سفاهاته أو جهالته؛ إذ السنة النبوية لا غِنَى عنها في تفسير وتوضيح ما جاء مجملًا أو مطلقًا أو عامًّا في القرآن الكريم، وصدق الله العظيم إذ يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:} وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {(النحل: 44) أي: وأنزلنا إليك يا نبينا القرآن الكريم؛ لتعرف الناس بحقائق وأسرار ما أنزل لهداياتهم في هذا القرآن من تشريعات، ومن آداب وأحكام، ولعلهم بهذا التعريف والتبيين يتفكرون فيما أرشدتهم إليه.

فالآية الكريمة وضحت وصرحت بأن مِن وظيفة النبي -صلى الله عليه وسلم- تفسير وشرح ما خفي معناه على الناس من آيات القرآن، ولقد سأل رجل عِمران بنَ الحصين -رضي الله عنه- عن مسألة فأجابه عنها بما يؤيدها من السنة، فقال الرجل: حدِّثونا بكتاب الله ولا تحدثونا بغيره، فقال له عمران: "أنت رجل أحمق، أتجد في كتاب الله صلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015